نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 258
فاعلم ذلك . و الله الهادي . لما فاز زكريا عليه السلام برحمة الربوبية ، بمعنى التربية بالنعمة و المدد و القيام بما فيه صلاحه ، و بمعنى الإصلاح أيضا لقوله تعالى ، « وَأَصْلَحْنا لَه زَوْجَه » ، ستر نداءه ربه و دعاءه إيّاه سبحانه عن إسماع الحاضرين . فناداه بسره ليكون أجمع للهمّة و أبعد عن التفرقة ، فيكون أقوى تأثيرا . فأنتج نداؤه [1] الخفىّ لقوّة تأثيره من لم تجر العادة بانتاجه ، و هو يحيى ، الذي ولد بين شيخ فان و عجوز عقيم لم يعهد إنتاجها ، فان العقم مانع من الإنتاج . و لذلك ، أيّ لكون العقم مانعا من الإنتاج ، قال الله سبحانه ، « الرِّيحَ الْعَقِيمَ » . فوصف سبحانه الريح بالعقم لعدم إنتاجها خيرا ، و فرق بينها ، أي بين الريح العقيم ، و بين « اللواقح » ، ف « اللواقح » ما أنتجت خيرا من إنشاء سحاب ماطر ، و « العقيم » ما كانت بخلافها ، فالعقم أينما كان مانع من الإنتاج . و جعل الله يحيى ببركة دعائه ، أي دعاء زكريّا عليه السلام حيث قال ، « فَهَبْ لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ » ، وارث ما عنده من العلم و النبوّة و الدعوة إلى الهداية و الابعاد من الضلالة و غيرها . فأشبه يحيى عليه السلام مريم في الوراثة ، لأنّه لمّا كفل زكريّا عليه السلام مريم و تصدّى لتربيتها ، أورث فيها بعض صفاتها الكمالية ، فهي ترث ما عنده أو في الحصورية ، لأنّها كانت من جملة ما كان عند زكريّا لكفالته إيّاها [2] فلمّا ورث يحيى ما عنده ، ورث بعض صفاتها ، فأشبهها فيه . و كذلك جعله وارث جماعة من آل إبراهيم من الأنبياء و الأولياء و العلماء في الأمور المذكورة آنفا .