كلها ، علم ذوق و وجدان بأن جعله جامعا لجميع الأسماء الإلهية الفعلية الوجوبية و مشتملا على جميع الصفات و النسب الربوبية . فهو واجب الوجود بربّه ، عرش لله بقلبه ، حى ، عالم ، قدير ، متكلَّم ، سميع ، بصير و هكذا جميع الأسماء . و قال بعضهم في قوله تعالى ، « وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها » ، « أي ركَّب في فطرته من كل اسم من أسمائه لطيفة ، و هيّأه بتلك اللطائف للتحقّق بكل الأسماء الجمالية و الجلالية . و عبّر عنهما ب « يديه » . فقال لإبليس ، « ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » . و كل ما سواه مخلوق بيد واحدة ، لأنّه إمّا مظهر صفة الجمال ، كملائكة الرحمة ، أو الجلال ، كملائكة العذاب و الشيطان » . اعلم أنّك لا تعرف الغائب إلَّا بالشاهد . و معناه أنّه كلَّما سألت عن كيفيته ، فلا سبيل إلى تفهيمك إلَّا أن يقرّر لك مثال من مشاهدتك الظاهرة أو الباطنة في نفسك بالعقل . فإذا قلت ، « كيف يكون الأوّل عالما بنفسه ؟ » فجوابك الشافي أن يقال ، « كما تعلم أنت نفسك » . فتفهم الجواب . و إذا قلت ، « كيف يعلم الأوّل غيره ؟ » فيقال ، « كما تعلم أنت غيرك » . فتفهم . و إذا قلت ، « كيف يعلم بعلم واحد بسيط سائر المعلومات ؟ » فيقال ، « كما تعرف جواب مسألة دفعة واحدة من غير تفصيل ، ثمّ تشتغل بالتفصيل . » و إذا قلت ، « كيف يكون علمه بالشيء مبدأ وجود ذلك الشيء ؟ » فيقال ، « كما يكون توهّمك للسقوط على الجذع عند المشي عليه مبدأ السقوط . » و إذا قلت ، « كيف يعلم الممكنات كلها ؟ » فيقال ، « يعلمها بالعلم بأسبابها ، كما تعلم حرارة الهواء في الصيف القابل بمعرفتك تحقيقا أسباب الحرارة . » و إذا قلت ، « كيف يكون ابتهاجه بكماله و بهائه ؟ » فيقال ، « كما يكون ابتهاجك إذا كان لك كمال تتميّز به عن الخلق ، و استشعرت بذلك الكمال . » و المقصود أنّك لا تقدر أن تفهم شيئا عن الله تعالى إلَّا بالمقايسة إلى شيء في نفسك . نعم ، تدرك في نفسك أشياء تتفاوت في النقصان و الكمال ، فتعلم مع هذا أنّ ما فهمته في حق الأوّل سبحانه أعلى و أشرف ممّا فهمته في حق نفسك فيكون ذلك إيمانا بالغيب مجملا . و إلَّا ، فتلك الزيادة التي توهّمتها لا تعرف