نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 175
و كطريقة الصوفية في هذه الأمّة ، فانّهم أتوا بأمور زائدة على الطريقة النبوية ، موافقة للغرض منها - ما فرض الله ذلك عليهم - كتقليل الطعام و المنع من الزيادة في الكلام و الخلطة بالأنام و الخلوة و العزلة عنهم و كثرة الصيام و قلَّة المنام و الذكر على الدوام و غير ذلك ممّا ذكروه في كتبهم - وفّقنا الله تعالى لاقتفاء آثارهم و الاهتداء بأنوارهم . فمن رعاه ، أي الدين المعتبر من هؤلاء الذين شرعوه أو الذين اتّبعوهم ، حق رعايته ، بالايمان به أوّلا و الإتيان بما أمروا به و الانتهاء عمّا نهوا عنه ثانيا ، ابتغاء رضوان الله سبحانه ، أي خالصا لوجهه و طلبا لمرضاته ، لا لأمر آخر من المطالب العاجلة و المآرب الآجلة ، فقد أفلح و فاز بالسعادة الأبدية و الكرامة السرمدية . و لمّا ذكر الأمر الإلهي في الأوّل من قسمى الدين ، و كان ينقسم إلى قسمين ، أراد الشيخ رضى الله عنه أن يشير إليهما ليعلم المراد منهما في هذا المقام . فقال ، و الامر الإلهي ، أي الصادر من مرتبة الجمع الإلهي ، أمران : أحدهما أمر بواسطة ، أي بواسطة الأنبياء و الرسل صلوات الله عليهم أجمعين ، حيث توسّطوا بين الله سبحانه و بين عبيده ، فبيّنوا شرائعه لديهم و بلَّغوا أوامره و أحكامه إليهم . فما يجب فيه ، أي في الأمر بواسطة من حيث أنّه أمر بواسطة مع قطع النظر عن الأمر التكويني ، الا صيغته ، أي صيغة الأمر - و هي « افعل كذا » - سواء تعلَّق الإرادة بتكوين الفعل المأمور به أو لم تتعلَّق . و يسمّى هذا القسم ب « الأمر التكليفي » . و ثانيهما أمر بلا واسطة ، أي بلا واسطة الأنبياء و الرسل صلوات الله عليهم أجمعين . و هو « الأمر التكويني » الإرادي المتعيّن بكلمة « كن » ، المتعلَّق بتكوين الشيء المعدوم المعلوم الذي لا يتصور من المأمور المراد تكوينه مخالفته ، أي مخالفة ذلك الأمر ، لامتناع تخلَّف المراد عن إرادته سبحانه ، كما قال تعالى ، « إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه أَنْ نَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ » . و الأمر بالواسطة قد يخالف ، أي يخالفه [1] المأمور و لا ينقاد إليه . و ذلك إذا لم