نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 162
و لا يصدر منه ما يخالف الحكمة . فمن عرف المناسبات التي بين الصور و معانيها و عرف مراتب النفوس التي يظهر الصور في حضرة خيالاتهم بحسبها يعلم علم التعبير كما ينبغي . و لذلك يختلف أحكام الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب . و هذا الانكشاف لا يحصل إلَّا بالتجلَّى الإلهي من حضرة الاسم الجامع بين الظاهر و الباطن . و ثانيهما متعلم غير عالم بما أراد الله سبحانه بتلك الصور ، لكنّه مستأهل مستعدّ للترقّى إلى مرتبة العلم . و العالم يصدق في الرؤيا ، أي يوفّى حقّها - من قولهم ، « صدق في القتال » ، إذا وفّى حقّه و فعل على ما يجب . و عليه قوله تعالى ، « رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا الله » ، أي حقّقوا العهد بما أظهروه من أفعالهم . و المتعلم يصدق الرؤيا ، أي يأخذ الصور المرئية صادقة مطابقة لما في نفس الأمر ممّا يجب عليه ، و يجتهد في تحقّقها ، حتى يعلمه الحق أنّه ما أراد و أيّ أمر شاء بتلك الصورة المرئية التي جلى الحق سبحانه و كشفها له في المنام كالخليل صلوات الله عليه حيث رأى في المنام أنّه يذبح ابنه ، و كان كبش ظهر في صورة ابنه . فصدّق الرؤيا و لم يعبّرها ، لأنّ الأنبياء و الكمّل أكثر ما يشاهدون الأمور في عالم المثال المطلق . و كلّ ما يرى فيه لا بد أن يكون حقّا مطابقا للواقع . فظنّ عليه السلام أنّه شاهد فيه ، فلم يعبّرها . فصدّق منامه حتّى علَّمه الله سبحانه أنّ المراد بصورة ابنه هو الكبش . اعلم أنّ عالم المثال المقيّد - و هو عالم الخيال - إذا شوهدت فيه صورة ، و تجسّد له المعنى أو الروح في صورة مثالية أو خيالية ، ثمّ إذا رجع إلى الحس و شاهد حقّيّة ذلك على الوجه المشهود ، فقد جعله الله حقّا ، أي أظهر حقّيّة ما رأى في الوجود العيني حسّا ، فانّ الخيال لا حقّيّة له و لا ثبات ، كما قال يوسف عليه الصلاة و السلام ، « هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربّى حقّا » . و كان هذا حال إبراهيم عليه الصلاة و السلام في مبدئه . فكان لا يرى رؤيا إلَّا وجد مصداقها في الحس و رأى حقّيّتها عينا . فكان عليه السلام لا يأوّل رؤياه . و هو نوع من الكشف
162
نام کتاب : نقد النصوص في شرح نقش الفصوص نویسنده : عبد الرحمن بن احمد جامي جلد : 1 صفحه : 162