نام کتاب : منازل الآخرة والمطالب الفاخرة نویسنده : الشيخ عباس القمي جلد : 1 صفحه : 37
ضرورة ذكر الموت : إضافة إلى أن طريقة أهل البيت ( عليهم السلام ) ألزمت المؤمن - كما توضحه الروايات الشريفة - أن يعيش الموت ويديم ذكره له ليعد ليومه ذلك الذي ينتظره لا محالة ، فان انحراف الانسان عن الجادة المستقيمة ينشأ من الطغيان الذي يعتريه ، وقد يصل به إلى مستوى بحيث يعمى عن كل الحقائق وما يحيط به ، ولا تنفعه لتخفيف نسبة طغيانه وغروره كل النصائح والتوجيهات لأن طغيانه قد يكبر عليها ولكنه يصطدم بصخرة تتكسر عليها كل مراتب الطغيان والغرور وهي صخرة الموت وما بعد الموت ، وقد صور كتاب الله المجيد هذه الحقيقة بقوله تعالى : * ( ان الانسان ليطغى * ان رآه استغنى * ان إلى ربك الرجعي ) * [1] . فمهما اعتور الانسان الموحد [2] من الطغيان والغرور والانحراف عن الأوامر
[1] سورة العلق : الآية 6 - 8 . [2] أما الانسان الملحد فإن رؤيته لله وللآخرة لا تقل عن رؤية الموحدين لأنه يحس بفطرته وجود عالم آخر بعد انتهائه من رحلته في عالم الدنيا كما أن جميع القوانين العقلية تنص عليه . ومهما أنكر الملحد بطغيانه حقائق الوجود والعلة فإنه يعترف أن لحياته نهاية ، ولكنها نهاية لمشوار قطعه وعرف شيئا من مجرياته ، وبقيت ألغازه وأسراره تحتاج إلى توضيح وشرح وهو يقر بباطن نفسه أن لتلك الألغاز والاسرار أجوبة ، ولا يوجد لغز أو سر يبقى في الكتمان وانما لابد له من يوم يظهر ويعرف ، ولذلك فهو يقر بقرارة نفسه أن هناك يوما تنكشف فيه تلك الحقائق . فليس الموت نهاية الانسان ، وانما فيه اسرار وألغاز سوف تنكشف له بعد موته . وهذا التصوير يفسر الدليل العقلي الذي يقيمه علماء الكلام على ضرورة وجود الآخرة والمعاد ، فإن الظلم في الدنيا لابد له من حكم عدل وإن مات الظالم على ظلمه فليس من العدل إسدال الستارة على ظلمه إلى الأبد ، وانما يحكم العقل بضرورة وجود ذلك اليوم .
37
نام کتاب : منازل الآخرة والمطالب الفاخرة نویسنده : الشيخ عباس القمي جلد : 1 صفحه : 37