نام کتاب : منازل الآخرة والمطالب الفاخرة نویسنده : الشيخ عباس القمي جلد : 1 صفحه : 275
حسن النظر والانصاف لهم ، وكان له وزير صدق صالح يعينه على الاصلاح ، ويكفيه مؤونته ، ويشاوره في أموره ، وكان الوزير أديبا عاقلا ، له دين ، وورع ، ونزاهة عن الدنيا ، وكان قد لقي أهل الدين ، وسمع كلامهم ، وعرف فضلهم ، فأجابهم ، وانقطع إليهم بإخائه ووده . وكانت له من الملك منزلة حسنة وخاصة . وكان الملك لا يكتمه شيئا من أمره . وكان الوزير أيضا له بتلك المنزلة ، إلا أنه لم يكن ليطلعه على أمر الدين ، ولا يفاوضه أسرار الحكمة . فعاشا بذلك زمانا طويلا . وكان الوزير كلما دخل على الملك سجد للأصنام [1] وعظمها وأخذ شيئا في طريق الجهالة والضلالة تقية له . فأشفق الوزير على الملك من ذلك ، واهتم به ، واستشار في ذلك أصحابه وإخوانه ، فقالوا له : انظر لنفسك وأصحابك فإن رأيته موضعا للكلام فكلمه وفاوضه ، وإلا فإنك انما تعينه على نفسك ، وتهيجه على أهل دينك ، فان السلطان لا يغتر به ، ولا تؤمن سطوته . فلم يزل الوزير على اهتمامه به ، مصافيا له ، رفيقا به رجاء أن يجد فرصة فينصحه ، أو يجد للكلام موضعا فيفاوضه . وكان الملك - مع ضلالته - متواضعا ، سهلا ، قريبا ، حسن السيرة في رعيته ، حريصا على اصلاحهم ، متفقدا لأمورهم . فاصطحب الوزير الملك على هذا برهة من زمانه . ثم إن الملك قال للوزير ذات ليلة من الليالي بعدما هدأت العيون : هل لك أن تركب فنسير في المدينة ، فننظر إلى حال الناس ، وآثار الأمطار التي أصابتهم في هذه الأيام ؟ فقال الوزير : نعم . فركبا جميعا يجولان في نواحي المدينة . فمرا في بعض الطريق على مزبلة