صورته فتمر على المخارج التي أشرنا إليها وتتعين باللسان والتقاطع في كل منها ويصحب ذلك خصوص حكم الإرادة المتعلقة باظهار بعض الحروف مفردة ومركبة ، لتوصيل بعض ما في نفس المتكلم إلى المخاطب مما تعذر على المخاطب معرفته دون تعريفه بهذا النوع من الكلام أو ما يقوم مقامه من الرقوم والحركات والإشارات ، فيتنفس المتكلم مصوتا ، وقد هيأ اللسان للفصل والتمييز بموجب الاستحضار الذهني التابع للتصور العلمي ، فحيث انتهى قوة كل دفع وامتداد من امتدادات نفسه عند مخرج من المخارج - إذ لا يكون الانتهاء الا عند مخرج - ظهر للنفس بالصوت حين الانتهاء تعين خاص بالقصد والفاصل ، يسمى ذلك النفس المتعين حرفا وذلك التعين هو مظهر التعين العلمي المذكور ، ويعلم حد كل حرف بمستقره ، ومستقره حيث يحصل له الاستغناء في ظهوره وتعين وجوده المطلوب ، فحيث أمكن ذلك الظهور من المخارج اكتفى به عن سواه ، واستقر النفس من حيث تعين ظهوره فيه - أي في المخرج - فظهر وتعين وسمى حرفا وجوديا ، فالتلفظ يقع بالحروف من حيث استقراره حال تعينه وتحدده ، ولذلك سمى حرفا . وإذا عرفت هذا فاعلم : ان الكلام المعنوي عبارة عن ملاقاة واجتماع واقع بين الأسماء والحقائق بموجب احكام بعضها مع بعض وبين الأسماء والحقائق الكونية عند من يرى أن الحقائق ليست من الأسماء ، وصورة هذا النوع من الكلام ونتيجته تظهر ان وتتعينان بحسب المرتبة التي يقع فيها الاجتماع والتلاقي والامر المقتضى للكلام ، فيضاف الكلام إلى المرتبة والحكم في ذلك كله من حيث الاسم والصفة ، والثمرة للأول انبعاثا والغالب ظهورا . والكتاب المرتقم والكلم المنتظمة التابعة من محتد هذا الكلام الأول الغيبي الالى عبارة عن الأرواح ، وما يفهم من خطاب الحق لها على ما بينها من التفاوت الذي أوجبه المراتب والوسائط وحكم الحال الجمعي وغير ذلك مما ذكرنا ، فافهم . ويلي ذلك الكلام الروحاني ، وهو عبارة عن تصادم القوى الروحانية من حيث قيامها بالأرواح ، لا من حيث هي قوة مجردة ، فإنها بذلك الاعتبار معان مجردة معقولة .