عليه انه حجاب على الحق سبحانه وعنه ، انه كاشف ومظهر ، والحجاب [1] إذا لم يكن عين المحجوب لا واسطة بينه وبين المحجوب ، ونقدر الامر [2] في الحجاب الأقرب إذا قيل بكثرة الحجب ، أو فيما لا حجاب عليه غير واحد ، فإنه متى عرف الحجاب نفسه ، علم أن لا واسطة بينه وبين المحجوب ، بل أبين لك الامر الحجاب وارفع حكمه بكشف سره . فأقول : كلما يقال عنه انه حجاب على الحق لا يخلو اما ان يكون الحق سبحانه عينه ، بمعنى انه تعالى حجاب على نفسه أو غيره [3] ، وليس الا الممكنات ، فالمسمى حجابا - اما بعض الممكنات أو كلها - لا جائز ان يكون بأسرها حجابا ، فإنه [4] ما ثمة أمر ، إذ ليس الا الله سبحانه والممكنات ، ولا جائز ان يكون بعضها حجابا دون الباقي ، لان هذا الحكم للبعض ، اما ان يصح ويثبت لكونه ممكنا ، فيلزم اذن اشتراك جميع الممكنات في ذلك ، لاشتراكها كلها في حقيقة الامكان ، فما اقتضاه شئ منها لامكانه ثبت للجميع ، وإن كان انما يصح ذلك لبعض الممكنات لا لكونه ممكنا فحسب ، بل مع انضمام قيد اخر خارج . فنقول حينئذ : فذلك القيد الخارجي اما ان يكون نسبة سلبية أو أمرا ثبوتيا ، لا جائز ان يكون نسبة سلبية ، والا لكان ما لا وجود له يوجب اثرا وحكما فيما له وجود ، بل وفي واجب الوجود ، وذلك غير جائز ، وإن كان أمرا ثبوتيا ، فاما ان يكون الحق أو الممكنات - كما مر - لا جائز ان يكون الممكنات - لما قلنا - فلم يبق الا ان يكون الحق . ثم نقول : ولا جائز أيضا ان يكون الحق تعالى حجابا على نفسه ، فان كونه حجابا على نفسه اما ان يكون أمرا اقتضاه لذاته من حيث هو معرى عن النظر إلى الممكن ، أو يكون ذلك حكما ظهر بالممكن ، لا جائز ان يكون ذات الحق من حيث هي هي مقتضيه لذلك [5] ، والا لكان [6] محجوبا عن نفسه ، فكان مركبا من أمرين : أحدهما كونه حجابا والاخر كونه
[1] - مبتداء خبره لا واسطة - ش [2] - توضيحا - ش [3] - بالنصب عطف على خبر يكون - ش [4] - أي لا يوجد محجوب عنه إذا كان كلها حجابا - ش [5] - أي حجابا على نفسه - ش [6] - أي الحق - ش