صرفة ، مجردة عن سائر المواد والواردات الإلهية والأوامر والنواهي والتجليات المتعينة وغير ذلك مما قصد طلبه بحسب ما ذكرناه وكل شئ فيه كل شئ ، لكنه قد لا يعلم ، والمنافي لا يقبل ما لا يناسبه ولا يعرفه من الوجه المجهول والمنافي لعدم الجامع . فذو الحال الطبيعي مثلا إذا جائه أمر روحاني استدعته [1] رقيقة خفية روحانية كامنة فيه من حيث لا يدرى نفر عن ذلك الامر أو التجلي أو ما كان ، ورده وانكره ولم يقبله ، و هكذا الامر في الروحاني إذا جائه أمر من مرتبة الطبيعة وبحسبها ومن المقام العقلي و بحسبه . وفي مقابلة كل لسان مما ذكرنا من الحق سبحانه نسبة خاصة يتعين حكمها بالقبول الخاص العبدي واستعداده الحالي العيني ، وتلك النسبة المتعينة من الحق تعالى هي المعبر عنها بالاسم الخاص بذلك الامر ، أي أمر [2] وأي اسم كان ، فافهم . ومن هذا الباب تجلى التنزيه والتشبيه والرد والانكار الواقع في العالم ، ومنه يعرف كون التجليات منها عامة ومنها خاصة بالنسبة ، كل ذلك بحسب مراتب المستدعين واختلاف أحوال الطالبين واستعداداتهم ، فافهم هذا وتدبر ، تعرف كثيرا من سر الحيرة في الله وسر الرد والانكار واختلاف العقائد في الله والحكم بالاتفاق ، وسر الدعاء والاجابة والبطؤ في ذلك ، والسرعة والنيل والحرمان والعجز والاستظهار والحجاب والبصيرة ، وورود الأمور المجهول السبب عند من وردت عليه وقهر بعض الحقائق للبعض دون قصد من اشتملت عليها ذاته وانطوت عليها نشأته ، وتعرف ما بينها من التضاد والتباين في الاحكام والآثار ، وتعرف غير ذلك أيضا من الاسرار التي هي من لوازم هذا المقام المتكلم منه في هذا الفصل ، والله يقول الحق ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم .
[1] - صفة أمر روحاني - ش [2] - من الواردات والتجليات - ش