فيه : ان بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ( 8 - النمل ) فهو تعالى متجل في النار وحول النار ومنزه عن الجهة والمكان ، والحصر حالة تقيده بالمظاهر وتجليه فيها ، فافهم واحضر مع ما أخبرك من أنه مع كل شئ ولا تتحكم في ما أخبرك به عن نفسه بعقلك ، ولا تظنن انه يلزم من عدم معرفتك بما قيل عدم صحته ، أو من عدم وجدانك ما ذكر لك عدم وجوده ، فغيرك قد وجد ، بل قد شهد ، بل قد استمر شهوده وساعده في ما أدرك شرعة شرعه وعقله ومشهوده . ثم اعلم أن الحكم في ما ذكر من أمر التجلي والمظاهر ويذكر ، سار من الحقيقة الجامعة صاحبة الجمع والوجود والغيب والظهور ، وهى لا تتقيد باسم ولا صفة - كما مر من قبل - ولا يحكم عليها بحكم معين الا ويقبل بالذات اطلاق ضد ذلك الحكم عليها ، ونسبته إليها مع أحدية حال وعين ونسبة ووجه وزمان أيضا إذا اقتضى ذلك بعض الحضرات الأسمائية والاحكام الموطنية الحكمية . ثم إن العماء المذكور - المسمى بالمادة الامكانية المنطوية فيه - كمرآة غيبية وانبساط الصورة الوجودية الكونية بتلك المادة وفيها ، هو كون ظاهر الحق سبحانه كالمرآة والمجلى لباطنه ، فمن حيث تسمية صورة النفس مادة امكانية هي غير الحق بنسبتي البطون والظهور والغيب والشهادة ، وقد عرفت حكم الباطن والظاهر ، فاعرف منهما نسبتي الشهادة والغيب . فإذا كان مشهودك الحق : قلت هو الظاهر والباطن ، وإذا لحظت التعدد الكوني وحجبتك الكثرة عن الأحدية وتعذر عليك مشاهدة كل منهما في الاخر - لعدم تمكنك في شهودك - قلت : عالم الغيب والشهادة ، وقد سلف لك أيضا في سر الامكان والممكن والتجلي والتأثير ما فيه غنية . فالعين واحدة والمرجع إلى أمر واحد ، والتغاير نسبى لا حقيقي ، والوجود الذي ذكر لك خبره مرآة أيضا ، لظهور حكم التعينات الامكانية والاختلافات