به وتعينه وتعدده بحسبها - مع وحدته في نفسه - يسمى عند أهل التحقيق نفسا ، كما نطقت به النبوة تفهيما واعتبارا بحكم الطبيعة عندنا وفي نشأتنا ، وهما الميزانان المشار إليهما في قوله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم . . . الآية ( 53 - فصلت ) فان أول ما يظهر حالة التكوين الذي هو الاجتماع الاسمائي بالتوجه الارادي في الأصل ، والنكاح والتولد عندنا البخار ، فمن حيث إن الموجودات كلمات الحق سبحانه ، فان أصلها النفس الرحماني وظهورها ب ( كن ) وهو القول الإلهي لكل مراد تكوينه ، فكل مكون فهو عين كلمة المكون اسم فاعل ، وتعددت الحروف والكلمات بحسب تقاطع النفس في مراتب المخارج أولا ، وبحسب التركيب علما وذهنا ثم حسا آخرا في الأصل ، بحسب ما يليق به وعلى نحو ما أرانا وكشف لنا سبحانه وفينا ، من كوننا مخلوقين على الصورة بحسبنا في حالتي حجابنا وكشفنا ، فافهم أيها اللبيب تفز بالسر الغريب . ثم نرجع ونقول : فالنفس المذكور بالنسبة إلى مطلق النشأة الكلية الوجودية - والموجودات الكونية الصادرة من الرب سبحانه التي هي كلمات نفسه وحروفه - بخار عام هو نتيجة الاجتماع العام الواقع بين الأسماء الذاتية بالتوجه الإلهي الغيبي الحبى الارادي ، ويسمى النكاح الأول ومنزل التدلي ومرتبة العماء وحضرة نفوذ الاقتدار ونحو ذلك على ما لوح بسره من قبل . وهذا البخار النفسي الكلى الرحماني ليس مما يدرك ظاهرا وتتعين له صورة مشخصة للطفه وكليته ، هذا مع أنه سار بالحقيقة في كل ما يوجد ، كما وردت به الإشارة الربانية في قوله : الا يعلم من خلق وهو اللطيف - لسريانه في ما خلق دون حلول - الخبير ( 14 - الملك ) بكيفية السريان وحكمه بالسريان ، وهو - أعني النفس المذكور - وان لم يتعين له صورة تدرك في الظاهر ، فإنه لا يشك في اثره ، وفيه من يعرفه من أهل الشهود كالهواء عندنا . واعتبر في نسخة وجودك - إذا لم تكن من أهل الكشف والشهود - صعود البخار من