وهذا الامر هو المنبه عليه في سر الأولية ب ( أحببت ان اعرف ) والمحبة لا تتعلق بموجود أصلا ، لاستحالة طلب الحاصل على ما سبقت الإشارة إليه من وجه ويأتي أيضا . ثم اعلم أن متعلق الضمير في التاء من ( أحببت ) النسب الربانية بصفة الطلب للمربوب ، لما علمت أن المتضايفين لا يثبت أحدهما ولا يعقل بدون الاخر - وجودا وتقديرا - وهكذا هو الامر في كل ما يقتضى التضايف من الحقائق والنسب والمراتب والنعوت والصفات وغير ذلك . واما الصورة الوجودية الظاهرة لنفسها الحاصلة من الاجتماع الأول الاسمائي المذكور فهي صورة الرحمن ، والتجلي هو من الله مسمى الأسماء المشار إليها ، ومرتبة التجلي المذكور هو المسمى بحقيقة الحقائق ، وفي التحقيق الأوضح هي الرتبة الانسانية الكمالية الإلهية المسماة بحضرة أحدية الجمع . فالرحمن اسم لصورة الوجود الإلهي من حيث ظهوره بنفسه ، والرحمة نفس الوجود ، والصفة الربية خفية الصورة ظاهر الحكم ، وأول ظهورها لها فيما تعين بها وتعينت به ، فشهد الشئ نفسه ومظهره بالتعين مسمى بالرحمن ، فالرحمن للوجود كما بينا ، والاسم الله للمرتبة والحقيقة الجامعة : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ( 110 - الاسراء ) فكل مرتبة واسم وامر يتعلق به الدعاء ويكون قبلة للسؤال لا يخلو من حكم هذين الأصلين ، وإليهما ينضاف وينتهى امره ، وهما الوجود والمرتبة جمعا وفرادى - على ما لوح ببعض سره من قبل - . فكل متوجه إليه - بأي نوع كان وأي وجه وقع - فهو مدعو ، وكل توجه دعاء وكل متوجه داع ، فاعلم ذلك وتدبر شمول حكم ما نبهت عليه ، تفز بالعلم الغريب ، وسيأتى بيان سر الدعاء ببسط أكثر من هذا في ما بعد إن شاء الله . ثم إن الاسم الرحمن باعتبار انبساط نوره في الخلاء على الممكنات المعلومة [1] وظهورها