وذهوله عن نفسه ، تعطل منصب تدبيره ، واما الاعراض فقد يكون لموجب اخر غير الذهول ، كالتفاته إلى غير ما كان مقبلا عليه بالتدبير . ثم نقول : وان عم الانفعال ظاهرا وباطنا وحصل الفناء التام ، فالامر حينئذ يختص بحضرة الجمع ، إذ مجموع الانسان لا ينفعل الا لهذه المرتبة أو مظهرها من أمثاله ، لتحقق المحاذاة والمضاهاة القاضين بكمال الأثر وشموله ، وقد أسلفنا ان شيئا ما لا ينفعل لسواه من حيث مضادته وبينا سره فاذكر . واعلم أن ما عدا ما ذكرنا هنا من التأثير بهذا اللسان فهو تأثير جزئي في مثله ، وما عدا الانسان الكامل ممن يسمى انسانا فإنما يوصف بالكلية - ان وصف من حيث ظاهر مرتبة صورته - والا فهو جزئي من حيث مرتبته ومعناه ، فان انفعل لجزئي مثله فغير مستنكر ، واما ما يجتمع من اثر الظاهر والباطن ، فإنه يعرف بالغاية والأغلبية ، والاعتبار في جميع ذلك لأول ما يؤثر وأول ما يتأثر ، واما تبعية الباقي بالتدريج وفي ثاني حال ، فلموجب الارتباط وحكم الأصل الجامع الساري في الأشياء الذي فيه ومن حيث هو يتحد الأشياء ، فلا يتعدد - وقد مر حديثه - . واما الفرق بين الاستعداد الكلى والاستعدادات الجزئية : فالكلي ما به قبلت الوجود من الحق حال تعيين الإرادة لك من بين الممكنات وتوجه الحق نحوك للايجاد وما تلبست به بعد من الأحوال الوجودية ، فكل منها يعدك لما يليه كما قال الله تعالى : لتركبن طبقا عن طبق ( 19 - الانشقاق ) أي حالا هو متولد عن حال ، والكلى الذي به قبلت وجودك الأول ليس وجوديا بل هو حالة غيبية لعينك الثابتة ، وما سواه من الاستعدادات الجزئية المشار إليها فوجودية كما عرفت ، وسأزيدك بيانا بلسان آخر . فأقول : انظر إلى ما يحصل لك ، فان تعلق حكمه بك على وجه ومن نسبة يمكن انتقاله