دخوله عالم النبات تعرض له آفات فيفسد قبل التمام أو التناول ، فينفصل منه ثم يعود إليه في زمان اخر قريب أو بعيد ، وقد تكون الآفة باتصاله بنبات ردئ بعيد عن الاعتدال لا تتأتى لحيوان تناوله أصلا ، وإن كان مما يتأتى تناوله فيفسد ذلك الحيوان فينفصل منه أيضا بهذا الطريق . وقد تطرأ عليه الآفة بعد اتصاله بعالم النبات بان يتناوله حيوان ، ويفسد ذلك الحيوان قبل ان يتناوله انسان ، أو يعوق عن انتقاله عن ذلك الحيوان إلى الطور الإنساني عائق ، أو يموت الانسان المتناول له قبل ان يتعين له فيه مادة فيتحلل ويخرج . ثم يعود إلى الرتبة الحيوانية ، هكذا مرة ثانية أو مرارا كثيرة ، وبمقدار ما يكثر ولوجه وخروجه ، ويكثر تصادمه للقوى والخواص المودعة في المراتب التي تمر عليها ، والموات التي تتلبس بالفساد والتكرار يكتسب الكيفيات المعنوية المودعة فيما ذكرنا . فإن كان الغالب من الجملة حكم المحمود منها والمناسب انتفع بها ، ولكن فيما بعد كلفة ومجاهدة ، وإن كانت الأغلبية في الحكم لغير المحمود والمناسب ، قل علمه وتذكره لمراتب وجوده وتنقلاته ، بل ربما خفى عليه ذلك بالكلية وبمقدار ما يقل التكرار والكيفيات المخالفة يسرع إليه التذكر ويسهل عليه الفتح والطريق والسر الإلهي المكنى عنه بقدم الصدق وبالعناية الأزلية وبرزة التجلي ونحو ذلك - كما سبق التنبيه عليه هو الأصل في ذلك - فمتى لم ينصبغ باحكام المراتب انصباغا يوجب خفاء سر الأحدية وحكم البرزة المذكورة ، كانت الغلبة للسر الاحدى والبرزة المنبه عليها ، وإلى ذلك الإشارة بقوله : والله غالب على امره ( 21 - يوسف ) . ومتى حجب انصباع احكام المراتب والحضرات ذلك السر الإلهي المذكور وحكمه ، كان الأثر لأغلبها حكما حالتئذ ، إذ قد علمت أن الانسان مركب من اجزاء شتى مختلفة