( فصل ) في التوجه الحبى واحكامه واسراره والتنبيه عليه على سبيل الاجمال اعلم أن التوجه والتشوف والطلب ونحو ذلك كلها بواعث المحبة وألقابها ، و تختلف مراتبها وتتعين احكامها بحسب اختلاف حال كل من يظهر عليه حكم المحبة و سلطانها ويقوم به ، فان الأوقات بالأحوال تعين صور الاستعدادات الجزئية في الوجود العيني ، وتنبه على مرتبة صاحبها تارة من حيث الحال الجزئي المعين واخرى من حيث الذات بحكم الاستعداد الكلى . وللمحبة أسماء ونعوت أخرى : كالعشق والهوى والإرادة ونحو ذلك ، وكلها ترجع إلى حقيقة واحدة ، والاختلاف راجع إلى اعتبارات نسبية هي رقائق للمحبة تتعين بحسب أحوال المحبين واستعداداتهم كما مر ، وهى - أعني المحبة - على اختلاف أسمائها ونسبها ونعوتها واحكامها لا يصح تعلقها بموجود أصلا ، فإنه يكون طلبا لتحصيل الحاصل وهو محال - كما بين من قبل - فتعلقها اذن انما يكون بأمر معدوم عند الطالب حال الطلب وبالنسبة إليه ، وإن كان موجودا في نفسه أو بالنسبة إلى سواه ، فلا يصح ان يكون الحق سبحانه مطلوبا لاحد ولا محبوبا الا للانسان الكامل والندر من الافراد المشاركين للكمل في هذا الذوق . واما من سوى ما ذكرنا فمتعلق محبته وطلبه انما هو ما يكون من الحق سبحانه و تعالى ، كشهوده - ان لم يكن حاصلا للمحب والطالب - أو دوام شهوده - إذا حصل الشهود - أو القرب منه أو المعرفة به أو فوز الطالب بما فيه سعادته على سبيل الاستمرار و بالنسبة إلى غرض خاص ومطلب معينة كتحصيله مثلا مقاما خاصا أو مرتبة أو حالا أو