محقق العلماء على أن البكاء على الوجه المعلوم عندنا لا تقتضيه نشأة الملائكة ، واتفاقهم أيضا على أن الأرواح لا تتحيز ، ووجوب الاعتراف أيضا بان الداخل لحجرة عائشة وغيرها من الأماكن المذكورة هو جبرئيل حقيقة ، إذ لو لم يكن الامر كذلك لزم منه من المفاسد ما لا يخفى على الألباء المنصفين ، ويشتمل هذه القاعدة على فوائد عزيزة جدا : منها ما أوجب سكوتي عنه وفرط عزته وغموضه . ومنها ما تركته اختصارا واكتفاء بيقظة أهل الاستبصار من الاخوان الإلهيين الأبرار فالق سمعك لغريب ما تسمع ، تجد العلم الأنفع . والله المرشد . فصل شريف يشتمل على علم عزيز خفي لطيف اعلم أن الحق هو الوجود المحض الذي لا اختلاف فيه ، وانه واحد وحدة حقيقية لا يتعقل في مقابله كثرة ، ولا يتوقف تحققها في نفسها ولا تصورها في العلم الصحيح المحقق على تصور ضد لها ، بل هي لنفسها ثابتة مثبتة لا مثبتة ، وقولنا : وحدة ، للتنزيه والتفخيم ، لا للدلالة على مفهوم الوحدة على نحو ما هو متصور في الأذهان المحجوبة . إذا عرفت هذا فنقول : انه سبحانه من حيث اعتبار وحدته المنبه عليها وتجرده عن المظاهر وعن الأوصاف المنضافة إليه من حيث المظاهر وظهوره فيها ، لا يدرك ولا يحاط به ولا يعرف ولا ينعت ولا يوصف ، وكل ما يدرك في الأعيان ويشهد من الأكوان - بأي وجه أدركه الانسان وفي أي حضرة - حصل الشهود - ما عدا الادراك المتعلق بالمعاني المجردة والحقائق في حضرة غيبها بطريق الكشف - ولذلك قلت في الأعيان ، أي ما أدرك في أي مظهر كان ما كان ، فإنما ذلك المدرك ألوان واضواء وسطوح مختلفة