إسم الكتاب : مصباح الأنس بين المعقول والمشهود ( عدد الصفحات : 722)
عن مرآة كثرة الشؤون النسبية المضافة إلى الوجود العلمي الباطني ، ليظهر التجلي الباطني بخصائص تلك الكثرة النسبية ، وهى العلوم الغيبية والاسرار الإلهية ، وبعد فتق الروح يحصل بين احكام حقيقته الكونية وبين احكام سره - أعني الوجود العيني المضاف - امتزاج وفعل وانفعال - كما جرى بينه وبين النفس أولا - لكن هنا ينسب الفعل إلى السر والانفعال إلى الروح ، فيتولد من مشيمة الروح قلب قابل للتجلي الوجودي الباطني المشتمل على الشؤون وكثرتها النسبية ، مع ظهورها التي هي الصور العلمية ، ليتحقق بالسير في هذه الحضرة الباطنة بكليات الأسماء السلبية ، فيدخل في مبدأ ظهور التجلي الباطني في قسم الحقائق فيظهر عليه وبه وفيه احكام هذا القسم . 179 - 2 واعلم أن الشاهد في هذا القسم سر وجودي ظاهري ، والمشهود سر وجودي باطني [1] ، بل يكون السر الظاهري مرآة للباطني والباطني باحكامه واثاره ظاهرا على الظاهري ، لكن لا يخفى عينه واثاره عليه ، بل يكون كل واحد منهما مرآة للاخر ، فيظهر من بين ذلك حقيقة كل شئ وسرها - كما هو في حضرة العلم الوجوبي الأزلي بلا تغير - . 180 - 2 فأول [2] ما يبتدئ السر الباطني من وراء ستر رقيق من صفة أو حقيقة الهية
[1] - قوله : سر وجودي ظاهري : وهو عين العبد والمشهود هو الحق ، ولما وصل العبد إلى مقام المحبوبية بحصول جمعية الأسماء الظاهرة يصير سيره باسراء الحق فيسير بقدمه ، فان المحبوب مجذوب ، فيقع المكاشفة بين الحق والعبد برؤية كل منهما جميع الأحكام والآثار في الاخر ويصير كل مرآة الاخر ، الا ان هذا السير والاسراء يكون في بادئ الامر من وراء حجاب العقائد والتعلقات وغلبة بعض الأسماء فيكون المشهود أسماء مقيدة الهية في مرآة خلقي أو حقي مجرد أو مادي ، كما أخبر الله تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام بقوله : فلما جن عليه الليل رأى كوكبا . . . إلى اخر المراتب والتدرجات والكمالات ، ثم يخلصه عن المظاهر ويسيره في الظاهر ، الا انه مع تميز بين الحق والعبد فيقع المشاهدة ثم يسيره حتى يعاين كل منهما الاخر بلا وصف وتميز ، الا كون الحق ظاهرا بهوية العبد وباطنا إلى اخر المراتب والمقامات - خ [2] - قوله : أول ، مبتداء خبره قوله : من اسم الهى مقيد ، وقوله : السر الباطني من وراء مبتدئ ، ويحتمل على بعد ان يكون من وراء ستر رقيق خبر للمبتدأ وبعده أيضا قوله : لسر ظاهري ، وحينئذ يكون قوله : من اسم الهى بيانا لحجاب شفاف ، ويمكن ان يقال إن قوله : السر الباطني . . . إلى اخره خبر للمبتدأ ولفظة ما حينئذ موصوفة بين الشئ أي أول ما يبتدئ في قسم الحقائق والسفر المحبوبي هو السر الباطني ، تدبر ، هذا ما خطر بالبال حين مقابلة ذلك الموضع وتصحيحه في طبع هذا الكتاب ولم يكن مسبوقا -