ما هو عليه أزلا وابدا أو غيره ، وغيره نسبة عدمية ، فيلزم تأثير المعدوم في الموجود ؟ 104 - 5 ثم قال قدس سره : ولا تظنن ان هذه حيرة سببها قصور الادراك ، بل يظهر حكمها بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة سر كل موجود والاطلاع التام على أحدية الوجود ، لان من اتسع جمع فأحاط فدار وحار ، وما حار بل انطلق فمار ، وما جار واستوطن غيب ربه متنوعا بشؤونه سبحانه وبحسبه بعد كمال الاستهلاك به فيه ، فنعم عقبى الدار هذا المقام للسار . 105 - 5 ثم قال قدس سره : لعل فهمك ينبو عن درك سر الحيرة وأنت معذور وانا في ذكره محل لتصرف ربى غير مختار ولا مجبور ، وها انا أتنزل من ذلك المرقى الجليل للتفهيم بالتمثيل وهدى السبيل . 106 - 5 اعلم : انه سواء كان المرجح عندك مذهب المتكلمين أو النظار المتفلسفين ، لا شك ان المدرك من الأجسام مركب من جوهر وعرض أو هيولى وصورة ، والجوهر لا يظهر الا بالعرض والعرض لا يكون الا بالجوهر ، كما أن الهيولي لا توجد الا بالصورة والصورة لا تظهر الا بالهيولي ، ومعقولية الجسم المتعين في البين عبارة عن معنى ما يمكن ان يفرض فيه الابعاد الثلاثة . 107 - 5 ثم إن الهيولي المجردة عند أهل النظر لا تقبل القسمة عقلا ، وكذلك الصورة مع أنه بحلول الصورة في الهيولي صارتا جسما وقبلتا القسمة ، فانقسم ما كان لذاته غير قابل للقسمة ، مع أنه لم يحدث الا الاجتماع وهو نسبة كسائر النسب ، فافهم . 108 - 5 ثم إن الطبيعة معنى مجرد يشتمل على أربع حقائق ويناسب كلا بذاته ، بل هو عين كل واحد منها مع تضادها ، ومع كون الطبيعة جامعة لها ولا يمكن ظهور شئ بمفرده ولا بدون الوجود ، فاذن اجتماعها هو المستلزم لظهورها وادراكها ، والاجتماع نسبة أو حالة لا وجود لها في عينها ، فكيف الامر وصورتك ناتجة عنها وأجلها الطبيعة ؟ فإذا أمعنت