إسم الكتاب : مصباح الأنس بين المعقول والمشهود ( عدد الصفحات : 722)
وتحقق قدر ما اقتضاه استعداده من الكمال الذي أهل له بان يسر هو لتحصيله بحكم : وكل ميسر لما خلق له ، سواء كان تحصيله بوجه كلي أو بوجه تفصيلي لكن موقت ، لان التفصيل المؤبد مستحيل في الممكن ، وهذا كماله العلمي - ولو كان نسبيا - ومن كماله العلمي ان يغلب عليه حضوره في أحواله كلها أو أكثرها ، سيما أوائلها وأواخرها على الوجه الذي سلف ذكره في سر الحضور ، وهو استجلاء المعلوم وما انصبغ به العلم من الاحكام والأوصاف ، ومع ذلك صار مراعيا للخواطر الأول ، ولكل أول في اخر واخر في أول مستلحقا لكل منهما بالآخر وضابطا لما بينهما ، عارفا باحكام الخواطر انها ربانية أو ملكية أو نفسانية أو شيطانية لميزان صحيح ، عاملا بمقتضى كل منهما من الاقبال والاعراض ، موفيا كل ذي حق حقه ، موصلا بالميزان الإلهي القرآني ظاهرا وشريعة ، والايماني والاحساني باطنا وحقيقة وكشفا ، كان انسانا كاملا بصيرا بنفسه ، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه . 46 - 5 وهذه مرتبة الكمال المشتملة على مراتب الاسلام والايمان والاحسان ، فان ازداد معرفة تفصيلية واستيعابا للأسماء الإلهية كلها والصفات ، وتحقق بالجميع فعلا وانفعالا أي تأثيرا بجهة وجوبه وتأثرا بجهة امكانه ، وصار ذلك التحقق ملكة بحيث لا يحجبه نشأة ولا موطن من ذلك التحقق ولا يحجر عليه مرتبة ولا يقيده حال ولا مقام ولا غيرهما ، صار حينئذ مرتقيا في درجات الأكملية ، كالمنصب على الظرف بعد امتلائه ، وهذه مرتبة الأكملية المشتملة على قوة استتباع الأسماء الجزئية ومظاهرها . 47 - 5 فإذا انتهى الامر به إلى التمكن من تكميل من شاء من عباد الله ، وذلك إذا اتحدت ارادته بالإرادة الأولى الأصلية التي عليها مدار حال الصورة الكلية الوجودية الظاهرة ومعناها القائم بها ، بحيث لا يقع في الوجود الا ما يريد عقله ، وان كره بعض ذلك طبعا أو شرعا ، وذلك لما يقتضيه مقام معرفته التفصيلية وحقائق الأسماء الذاتية وفروع فروع الأسماء الإلهية والربوبية الفاعلة والكونية القابلة على استعداداتها المتفاوتة ، كان السيد الأفضل والامام الأعظم الأكمل ، الحائز بمرتبة الخلافة والاستخلاف والجمع بينهما والجمع