الكل لدوام العرش والكرسي ، إذ الحادث لا بد ان يتوقف وجوده على حدوث شئ من شروط وجوده ، والا كان أزليا لما مر ، فلا بد من تخلل هيئة لا يتصور دوامها ، وكل هيئة لا يتصور دوامها هي الحركة أو ما محله الحركة وهو الزمان الذي هو مقدار الحركة من حيث لا يجتمع اجزائه الفرضية معا ، وقيد الحيثية احتراز عن المسافة ، فإنها مقدار الحركة لكن من حيث يجتمع اجزائها ، وإذا دامت الحركة دام المتحرك . 651 - 4 وانما يتصور في الحركة المستديرة لحكايتها أحدية موجدها ، ولان المستقيمة تنقطع لتناهى الابعاد أو عند حصول مقصودها ، وكذا كليات العناصر ، لان دوام التأثير يستدعى دوام قابل الأثر ، لذا قال الاشراقيون : نور الأنوار والأنوار القاهرة وظلالها وأضوائها المجردة دائمة أزلية ، فمرادهم بالظلال الأفلاك وكليات العناصر وبالأضواء المجردة النفوس ، وعندنا الدوائم العقول والنفوس الكلية لا الجزئية التي هي نسبها وأشعتها كما مر والهباء والعرش والكرسي وكليات العناصر ، اما الأفلاك الاخر فلها طبيعة عنصرية من شأنها ان تتبدل صفاتها أو آخر ان معها لا أصلها - قاله الجندي في شرحه [1] - 652 - 4 قال المتكلمون : دوام الشئ مع الشئ يقتضى مساواتهما وعدم أولوية أحدهما بالعلية . 653 - 4 قلنا : ليس كذلك ، فان الشعاع المحسوس من النير لا النير منه ، وهو معه ويدوم بدوامه ، وكذا حركة الخاتم مع حركة الإصبع ، فلان يدوم اثر أقوى المؤثرات وماله كل التأثير في الحقيقة كان أولي ، والخلو عن التأثير يسمى تعطيلا . 654 - 4 فان قلت : لو كانت الحركات الفلكية دائمة أزلية لزم ان يكون كل حادث منها متوقفا على حصول ما لا يتناهى ، فلا يحصل . 655 - 4 قلت : الممتنع هو المتوقف على غير المتناهى الذي سيحصل ، اما إذا كان ماضيا ويكون الحادث واقعا بعده ، فهو المتنازع فيه .
[1] - ما وجدنا هذا المطلب في شرح فصوصه ، يمكن ان يكون في تأليفه الأخرى أو قاله الشارح على مضمونه ومفهومه .