ومن هذا الكرسي ينقسم الكلمة إلى حكم وخبر ، وهو للقدمين الواردين في الخبر ، كالعرش لاستواء الرحمن . وله ملائكة قائمون به لا يعرفون الا الرب تعالى ، وبعد الرب قصد توجه الاسم الغنى بتجليه فوجد فلك الأفلاك وهو الأطلس ، ومحدبه تحت مقعر فلك الكرسي والطبيعة ، ولتماثل اجزائه لا يعرف لحركته بداية ولا نهاية - ولوجوده حدثت الأزمان - 613 - 4 ثم توجه الاسم المقدر لإيجاد فلك البروج ، وذلك أنه لما دار فلك العرش بما في جوفه من الكرسي وفلك الأفلاك جوهرا وحدانيا نورانيا ، الحت [1] التجليات على باقي الجوهر المستحيل المائي ، فصعدته خالصا نوريا كالأول ، فصعد من ذلك فلك كلي محيط وحداني وفيه كل شئ وحقيقة من الحقائق الكونية المندمجة في الجوهر الأصلي الذي هو الجسم الكل من المناسبات وغيرها . 614 - 4 فلما اخذ الصاعد الرابع مكانه تحت مقعر فلك الأفلاك تكون فلكا محاطا بما فوقه ، محيطا بما في جوفه حول المركز المنحل ، وكانت التجليات المفصلة لهذا الجوهر المجمل الذي هو مفتاح الباب المقفل ، مقتضية لتفصيل ما فيها من الحقائق ، فتقدرت بالمقدر منازل النازل من الأنوار التي هي منازل اسرار الأسماء الإلهية ، فتعينت البروج بحقائقها ومنازل الأنوار بدقائقها ، وخرجت أصول جواهر الأنوار العلوية الكلية الجسمية لطبيعتها العلية الفعلية - خروجا طبيعيا وحدانيا نوريا - فأخذت الأرواح والانفاس المشرقة من هذا الفلك مظاهرها وتعينت الوجوه التي للعقل الأول - وهى ثلاث مائة وستون وجها - من مقعر المحيط الأطلس في هذا الفلك ، والأطلس واحد وحدة كلية وبسيط بساطة نسبية شاكلة لجوهر روحه وهو العقل الأول ، وتجلت أنوار الرحمة من سبحات وجه الرحمن من عين العقل الأول من حضرة الاسم المدبر . .
[1] - ألح السحاب بالمطر ، أي : دام ، وألح السحاب بالمكان : أقام به