450 - 4 وقال : الرؤيا ثلاث : رؤيا من الله ورؤيا تجرى من الشيطان ورؤيا مما حدث المرء نفسه ، فالأولى تتوقف على تهيئة واستعداد يفيدان صفاء محل وطهارة نفس . والثانية نتيجة الانحرافات المزاجية والكدورات النفسانية . والثالثة من اثار الصفات الغالبة الحكم ، وانزل الحال القاهرة حال رؤيته . 451 - 4 وقال في فك الفص الأسحقي : اما الانسان فقوته المصورة تابعة لنورية روحه وما سبق اطلاعه عليه ، فاملاه بذاته عليها ، فيأخذ في محاكاته لكن بحسب صحة شكل الدماع واختلاله وانحراف المزاج واعتداله وقوة المصورة وضعفها وخاصية الزمان والمكان . 452 - 4 واعلم أن نسبة خيال الانسان المقيد إلى عالم المثال نسبة الجداول إلى النهر العظيم الذي منه تفرعت ، فصحة خيال الانسان ورؤياه لها موجبات بعضها مزاجية كما مر وبعضها خارجة عن المزاج وهو بقاء حكم الاتصال بين خياله وعالم المثال ، والناس في ذلك على ثلاثة أقسام : 453 - 4 قسم قد طبع على قلوبهم فلا يتصل من نفوسهم إليها شئ الا في النادر ، كحال عارض سريع الزوال بطئ العود . 454 - 4 وقسم يحصل لقلوبهم أحيانا صفاء وفراغ من الشواغل واتصال من خياله بعالم المثال المطلق ، فكل ما يدركه نفوسهم في ذلك الوقت فإنه ينعكس انعكاسا شعاعيا إلى القلب وينعكس من القلب إلى الدماع فينطبع فيه ، فان وجد فيما يرى اثر حديث نفس من الوجوه المذكورة والآلة والمزاج وغيرها المانع من حكم الاتصال ، فتصوير القوة بحسب ذلك ، وان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكانت هيئة الدماع صحيحة والمزاج مستقيم ، كانت من الله وكان الغالب لا تعبير لها ، لان عكس العكس ظاهر بصورة الأصل وهو السبب في عدم تأويل الخليل عليه السلام رؤياه - وإن كانت واجب التأويل بما ظهر -