وانه يتنور بالوجود فيظهر ، وكل نقص انما ذلك من احكام نسبته العدمية وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله : ان الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره ، فالخلق بمعنى التقدير السابق على الايجاد ، ورش النور كناية عن إفاضة الوجود . 442 - 4 المقدمة الثالثة : ان النور يدرك به ولا يدرك وشرفه الأولية ، إذ هو سبب كل انكشاف ، والظلمة تدرك ولا يدرك بها وشرفها ان ادراك النور الحقيقي يتعذر ولا يتأتى الا باتصاله إليها ، والضياء يدرك ويدرك به وشرفه الجمع بين الامرين واستلزامه حيازة الشرفين . 443 - 4 المقدمة الرابعة : ان للنور الحقيقي ثلاث مراتب مشتركة في كشف المستور : المرتبة الأولى مشاركته للوجود المطلق من حيث إنه لما كان واحدا في الأصل وعرض له تعددات ، علم ثمة معددات مختلفة القبول صار سببا لمعرفة الماهيات المعدومة . المرتبة الثانية مشاركته للعلم المطلق ، إذ يكشف الماهيات المعدومة قبل الكشف الوجودي ، اما كشف النور فمتأخر عن كشف الوجود . المرتبة الثالثة اختصاصه بالجمع الذي له الظهور والاظهار . 444 - 4 المقدمة الخامسة : فرق بينهما بان العلم يعدد المعلومات بالتعلق في التعقل ، والوجود يعددها في المدارك وتظهر به ، والوجود يظهر بحسب قابلية المعدوم ، والنور لا يدرك الا في مظهر موجود . 445 - 4 إذا تقررت فنقول : العدم المتعقل في مقابلة الوجود لا تحقق له بدون التعقل ، والوجود المحض لا يمكن ادراكه ، فمرتبة العدم من حيث تعقل مقابلته للوجود كالمرآة له ، والمتعين بين الطرفين هو حقيقة عالم المثال ، والضياء صفة الذاتية وانه عبارة عن وجود العالم وهو ظاهرية الحق وهو ككل متوسط بين شيئين ، إذا كانت نسبته إلى أحد الطرفين أقوى يوصف بوصف الطرف الغالب ، كوصف عالم الأرواح وما فوقه من الأسماء بالنورية والوجود الأبدي ، ووصف صور عالم الكون والفساد بالكدورة والظلمة .