ويستجلون أيضا صورة علمه سبحانه بهم وبأحوالهم التي يتلبسون بها على سبيل التعاقب شيئا بعد شئ ، واخذوا العلم بربهم وحقائقهم وأحوالهم من حيث تعلق علم موجدهم به وبهم ، فلذلك لم يغاير علمهم علم ربهم الا من حيث القدم والإحاطة وكمال الانبساط ودوامه وعدم الانفعال ، إذ الذي لهم مقدار ما يستدعيه سعة دائرة مقامهم ومحاذاتهم المعنوية ، مع أنه قال : نفحة كلية تتضمن سر قبول الأكابر المحن ، فمحن الكمل والأنبياء والأولياء لها سببان غير ما ذهب إليه علماء الرسوم : 146 - 4 أحدهما سعة دائرة مرتبتهم مع صحة محاذاتهم حضرة الحق من حيث العبودية المشار إليها بالخلافة والظلية ، فليس في الحضرة الإلهية والامكانية أمر لا يقبله سعتهم ولا ما ينافيه استعدادهم ، مع قوتهم قبول الجميع نعم وقبول كل ما تضمنه غيب الحق ، لكن شيئا بعد شئ ، لعدم مساعدة الآلة كما قيل : فان اتى دهره بأزمنة * * أوسع من ذا الزمان ما ابتدعا 147 - 4 فكما تقتضى قابليتهم التامة كل خير ، كذلك تقتضى قبول ضد الشئ ما داموا مرتبطين بهذه النشأة الاحاطية ، وهذا السر هو سبب خوف الكمل ، وقوله صلى الله عليه وآله : انى لأتقاكم لله ، وقوله : ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم ( 9 - الأحقاف ) بخلاف حاله المتقدم ، فإنه ما دام في حضرات الأسماء يعرف ما يفعل به وبغيره - إن شاء الله - ولهذا عرف أسماء الفوارس العشرة الطلائع وأسماء عشائرهم وقبائلهم وألوان خيولهم قبل وجودهم بنحو ست مائة سنة ، وكثيرا ما في هذا المشهد لا يعرف ، بل يقول في الريح : ولعله كما قال قوم عاد ، وقال في بدر : اللهم ان تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض ، مع سابق قوله : زويت لي الأرض . . . الحديث . 148 - 4 والسبب الاخر المقتضى للمحنة كمال العدل الذي به قامت السماوات والأرض ،