ولا ينافيه عدم مجعولية الماهية ، لان الهوية ليست الا الماهيات المنضامة إلى أن تبلغ مرتبة الحس ، فإذا لم تكن الماهيات ولا الانضمامات ولا المراتب موجودة في الحس ، كيف حصل الهوية المحسوسة من محض المعدومات ؟ 457 - 3 بل لأنا نقول : انما يتحقق الجعل باقتران الوجود بتلك الماهيات [1] العدمية ، وإن كان الاقتران عدميا ، لما مر ان الأمور العدمية بانتساب الوجود إليها وتعلقه بها تصدق عليها الموجودات [2] . 458 - 3 الوجه الرابع : مستفاد من كلام الشيخ قدس سره أيضا : انها لو كانت مجعولة ، فإن لم تكن وجودية ، لزم ان يكون الحق سبحانه مصدرا لعدمات لا تتناهى ويكون سبحانه علة تميز بعضها عن بعض ، إذ الحقائق أنفسها لا تكون علة تمايزها والا يلزم منه تأثير المعدوم من حيث هو معدوم في المعدوم ، ويكون التعدد الثابت وجوده وصفا لما لا وجود له ، وذلك محال ، وإن كانت وجودية لزم ما أسلفنا في الوجودين من بيان الفرق وتعيين الفائدة منهما . 459 - 3 فان عورض بأنها ان لم تكن مجعولة ، فاما وجودية : فلزم مساوقتها للواجب في وجوب الوجود وصرافة الوحدة الذاتية ، فكانت واجبة - لخلوها عن الامكان والفقر - ويكون اتصافها بالوجود ثانيا تحصيل الحاصل ، إذ الفرض ان الممكنات ليس لها الا الوجود الواحد ، فان استكمال الممكن بالوجود المستفاد من الواجب ويلزم انتقال جميع الممكنات من الوجوب إلى الامكان ومن الغنى الذاتي إلى الحدثان ، ولا خفاء ان إبقائها على البقاء على الحالة الأولى أولي . واما عدمية [3] : فلزم تمايز الاعدام - وليس ثمة غير الحق - فيكون عن علة تمايزها ، فالتمايز إن كان وجوديا لزم اتصاف الماهيات المعدومة بالامر
[1] - لعل مراد صاحب المواقف من جعل الهوية هو جعل الوجود ، فان الهوية يقال على الموجود المتعين ، وحينئذ لا يرد عليه ما ذكره الشارح ، واما قول الشارح : انما يتحقق الجعل باقتران الوجود بتلك الماهيات ، فهو بظاهره سخيف بل هو عبارة عن جعل الاتصاف المردود ، واما عند المشرب العرفاني الدقيق فالجعل متعلق بالماهيات ولا يرد عليه ما ذكروه من الوجوه كما أشرنا إليه سابقا وجمعنا بينه وبين جعل الوجود - خ [2] - أعني ماله الوجودات - ش [3] - الشق الثاني بأنها ان لم تكن مجعولة فاما . . .