385 - 3 واضبط ما ذكروا في إثبات الوحدة انه لو تعدد فاقله اثنان ، فاما ان يقدر أحدهما على خلاف مراد الاخر ونقيضه أم لا . الثاني عجز عن الغير في محل الامكان وينافيه الألوهية بخلافه [1] عن الجمع بين النقيضين ، فإنه عجز لنبو [2] المحل في نفسه وعدم الامكان [3] وبخلاف العجز عن خلاف مراد نفسه ، كعن ايجاد سكون زيد [4] حال ايجاد حركته ، فإنه عن نفسه لا عن الغير ، والأول يفضى إلى الجمع بين النقيضين ، وكل ما يمضى إلى المحال محال . المقام الثالث في أن المدرك من الحق سبحانه الذي هو موضوع العلم والمطلوب احكامه فيه انما هو احكامه ونسب علمه وصفاته من حيث اقترانه بالماهيات لأكنه حقيقته 386 - 3 ذات الحق سبحانه من حيث وحدته المنبه عليها - أعني الحقيقة الذاتية لا العددية - ومن حيث تجرده عن أوصافه ونسبه اللاحقة من حيث المظاهر والظهور فيها لا يدرك ولا يوصف ، وذلك لوجهين : أحدهما باعتبار حال مدرك الانسان والاخر باعتبار حال ادراكه . 387 - 3 اما الأول : فلان كل ما يدركه الانسان في الأعيان [5] ، أي في المظاهر كان ما كان ، أعني كل ما يشهده من الأكوان بعقل أو خيال أو حس غير ما يدركه من الحقائق المجردة في حضرة غيبها بالكشف اما ألوان أو أضواء أو سطوح [6] مختلفة الكيفية
[1] - أي العجز - ش [2] - نبأ ونبوء أي ارتفع وتجافى وتباعد . [3] - وهذا في الحقيقة ليس عجزا بل الجمع بين النقيضين من الممتنعات الذاتية الغير القابلة للوجود ولا ينافي عموم القدرة وسريان الفيض كما لا يخفى - خ [4] - أي كالعجز عن ايجاد سكون زيد - ش [5] - أي الأكوان - ق [6] - قوله : في حضرة غيبها بالكشف : اما المشاهدة الحضورية والمكاشفة الذوقية فليست من الاكتناه في شئ ، فان الاكتناه بقدم الفكر وهى ببراق الذوق والعشق ، والفكر ترتيب أمور معلومة لتحصيل أمر مجهول ، فما لا جنس له ولا فصل ولا حد له فلا برهان عليه فالفكر حجاب والعلم هو الحجاب الأكبر ، والمشاهدة حضور وتدل وتعلق وربط ورفض قاطبة التعينات كما أفصح عنه قوله تعالى : ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، وقول ولى العصر روحي له الفداء على ما نقل عنه في بعض الأدعية : وأنر ابصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك ، فالمعرفة مرغوب فيها ومأمور بها ، والفكر مرغوب عنه -