نام کتاب : فصوص الحكم نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 156
تقدم الرتبة العِليَّة عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر : * كهز الرديني ثم اضطَرَبْ * وزمان الهز عين زمان اضطراب المهزوز بلا شك . وقد جاء بثم ولا مهلة . كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس : زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة . فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفاً في قصته . فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام . فما قطع العرشُ مسافة ، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه . وكان ذلك على يدي بعض أصحاب [1] سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها . وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى « ووَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ » . والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق . فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة . وأما علمه فقوله تعالى « فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ » مع نقيض الحكم ، وكلا آتاه الله حكماً وعلماً . فكان علم داود علماً مؤتى آتاه الله ، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ [2] كان الحاكم بلا واسطة . فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق . كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحِي به لرسوله له أجران ، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علماً وحكماً . فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ، ورتبة داود عليه السلام . فما أفضلها من أمة . ولما رأت بلقيس عرشها