السبزواري - ره - إلى المشهد الرضوي ، وكان رحمه اللَّه ساكنا بالمشهد طوال السنين وكان أبوه شريك أبي مشاعا في الأموال ، مشغولا بالتحصيل ، عالما منزويا عفيفا قليل الغذاء مجتنبا عن المحرّمات والمكروهات ، مواظبا على الفرائض والنوافل ، وحيث كنت برهة من الزمان معه وفي حجرته أسهمني في ذلك السياق ، وطال معيشتنا كذلك معه سنوات في هذه الرياضات . وكان - رحمه اللَّه - استادي في العلوم العربيّة والفقهيّة والأصوليّة ، ولكنّه مع علمه بالحكمة والكلام لا يعلَّمني من ذلك غير المنطق وقليلا من الرياضيّات ، مع ما كان يرى منّي من الاستعداد لذلك العلم والشوق إليه . فكنت مصاحبا لهذا المرحوم في جوار الإمام المعصوم عليه السّلام عشر سنوات كاملة ، حتى اشتدّ شوقي إلى الحكمة الإشراقيّة وبلغني صيت حوزة أصفهان وانبساط بساط الحكمة فيه ، فعزمت إليه وتركت الأموال والأملاك الكثيرة في المحل ، وسكنت في أصفهان قريبا من ثمان سنوات ، ووفّقت لتحصيل العلوم الحقيقيّة والرياضات الشرعيّة فيه ، وكنت في أغلب الأوقات مشتغلا بالحكمة الإشراقيّة . تعلَّمت الحكمة خمس سنوات في مجلس دروس زبدة الحكماء الإلهيّين وفخر المحقّقين وبدر المتخلَّقين بأخلاق الروحانيّين - بل بأخلاق اللَّه - الآخوند ملا إسماعيل الأصفهاني - قدّس سرّه الشريف . وبعد وفاته - رحمه اللَّه - حضرت سنتين أو ثلاث سنوات مجلس دروس الحكيم المتألَّه ، المحقّق الفائق والنيّر الشارق الآخوند المولى على النوري - قدّس اللَّه رمسه وطيّب رمسه - وقبل ذلك أوان ورودي إلى أصفهان كنت أحضر سنتين أو ثلاث درس الفقه للمولى النبيل والعالم الوجيه والمحقّق الفقيه الآقا محمّد علي [1] المشهور بالنجفي - أعلى اللَّه مقامه -
[1] سنذكر ترجمته وكذا سائر المذكورين عند ذكر أساتذة الحكيم السبزواري .