نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 700
يعني وجودها النسبيّ من حيث التعيّن ، فإنّ متعلَّق الحدوث الظهور والتعيّن لا غير . قال - رضي الله عنه - : « كما تقول : حدث اليوم عندنا إنسان أو ضيف ولا يلزم من حدوثه أنّه ما كان له وجود قبل هذا الحدوث ، لذلك قال الله - تعالى - في كلامه العزيز ، أي في إتيانه مع قدم كلامه : * ( ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوه ُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) * [1] * ( وَما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْه ُ مُعْرِضِينَ ) * [2] والرحمة [3] » يعني القرآن « لا يأتي إلَّا بالرحمة ، ومن أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة ، وأمّا قوله : * ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ في عِبادِه ِ ) * [4] * ( إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ) * [5] فلم يدلّ ذلك على أنّه لا ينفعهم في الآخرة ، بقوله في الاستثناء * ( إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ) * فأراد أنّ ذلك » يعنى الإيمان « لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا ، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه ، هذا إن كان أمره أمر من تيقّن بالانتقال في تلك الساعة ، وقرينة الحال تعطي أنّه ما كان على يقين من الانتقال ، لأنّه عاين المؤمن [6] في الطريق اليبس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر ، فلم يتيقّن فرعون بالهلاك إذا آمن ، بخلاف المحتضر ، حتى لا يلحق به » . يعني : لا يلحق بالمحتضر الذي يؤمن بعد تيقّنه بالهلاك . « فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقّن بالنجاة ، فكان كما تيقّن ، لكن على غير الصورة التي أراد ، فنجّاه الله من عذاب النار [7] في نفسه ونجّى بدنه ، كما قال : * ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) * [8] لأنّه لو غاب بصورته ربما قال قومه
[1] الأنبياء ( 21 ) الآية 2 . [2] الشعراء ( 26 ) الآية 5 . [3] في بعض النسخ : الرحمن . [4] غافر ( 40 ) الآية 85 . [5] يونس ( 10 ) الآية 98 . [6] في بعض النسخ : المؤمنين يمشون في الطريق . [7] في بعض النسخ : عذاب الآخرة . [8] يونس ( 10 ) الآية 92 .
700
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 700