نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 698
السؤال الآبق [1] عن تلك الحقيقة المطلقة اختيارا منه لغرض عرض له واختبارا لا جهلا واستحقارا ، بل اعتبارا واستبصارا ، إذ السؤال عن الماهية إنّما يتأتّى ويجوز فيما يكون له ماهية متميّزة عن غيرها ، فيكون تحت جنس أو فصل ، والحقيقة المطلقة الربوبية في العالمين تتعالى عن مثل هذا السؤال ، وتجلّ عن الضدّ والندّ والمثال ، فيقول الروح العقلي للهوى في جوابه : * ( رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) * [2] مبيّنا تفصيل مظاهر حقيقة الربوبية المطلقة الكلَّية العامّة في العالمين ، فيوهم فرعون الهوى آله من قوى الطبيعة والحيوانية أنّه لم يجب بما يطابق سؤاله ، إذ لم يجب بما يبيّن الماهية الإلهية الربانية ، بل بيّن المضاف إليه كما ذكرنا . فيقول الهوى : * ( إِنَّ رَسُولَكُمُ ) * [3] أي الروح العقلي الإلهي المرسل بالتجلَّي * ( الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ) * [4] أي مستور عنه ربوبيّتي الظاهرة في الوقت ، فيدعو إلى غيري ولا إلى عيني . فزاد موسى الروح العقلي الكشفي إرداعا له وإفحاما لا إحجابا وإبهاما * ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) * [5] أي ربّ ما ظهر وما بطن ، فإنّك ما تدعو إلَّا إلى ما تدّعي من الربوبية الظاهرة الجزئيّة العرضيّة في المملكة الهيكلية ، وأنا أدعوك إلى حقيقة الربوبية الحقيقيّة القائمة بما ظهر وما بطن ، * ( إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) * [6] أي تقيّدون الظاهر بحدوده الظاهرة أو تقيّدون الباطن بحدود [ ه ] [7] الباطنة ، وأنّ ما أدعو إليه أتمّ وأكمل وأعمّ وأشمل فانظر ما ذا ترى ، فإنّه ربّ ما فوق السماوات العلى وما تحت الثرى . فيقول له فرعون الهوى ما يقول وما يؤول أمره إلى ما يؤول . وأما هارون فصورة الروح من حيث القوى الناطقة التي هي بمثابة الأخ للقوّة العاقلة وهي أكبر سنّا من القوّة العاقلة الإلهية الكشفية ، لأنّ النطق العرفي بحكم العادة