نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 669
قال - رضي الله عنه - : « وأمّا حكمة إلقائه في التابوت ورميه في اليمّ فالتابوت ناسوته ، واليمّ ما حصل له من العلم بوساطة هذا الجسم ، ممّا أعطته القوّة النظرية الفكرية ، والقوى الحسيّة والخيالية التي لا يكون شيء منها ولا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلَّا بوجود هذا الجسم العنصري ، فلمّا حصلت النفس في هذا الجسم ، فأمرت بالتصرّف فيه وتدبيره ، جعل الله لها هذه القوى آلات يتوصّل بها إلى ما أراد الله منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الربّ ، فرمي به في اليمّ ليحصل بهذه القوى على فنون العلم ، فأعلمه بذلك أنّه وإن كان الروح المدبّر [ له ] هو الملك ، فإنّه لا يدبّره إلَّا به ، فأصحبه هذه القوى الكامنة في هذا الناسوت الذي عبّر عنه بالتابوت في باب الإشارات والحكم ، كذلك تدبير الحق العالم [ فإنّه ] ما دبّره إلَّا به أو بصورته ، فما دبّره [ إلَّا ] به كتوقّف الولد على وجود الوالد ، والمسبّبات على أسبابها ، والمشروطات على شروطها ، والمعلولات على عللها ، والمدلولات على أدلَّتها ، والمحقّقات على حقائقها ، وكل ذلك من العالم ، وهو تدبير الحق فيه ، فما دبّره إلَّا به . وأمّا قولنا : « أو بصورته » - أعني بصورة العالم - فأعني به الأسماء الحسنى والصفات العلى التي يسمّى الحق بها واتّصف بها » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ العالم وصورة ظاهريات مظاهر الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولهذا كثرت الصور مع أحدية العين ، فهذه النقوش والأشكال والصور منها ولها وبها ، وباطن العالم وهويته للوجود الحق المتعيّن فيها بحسبها ، فصورة العالم ناسوته ، والتابوت وروحه هو الوجود المتعيّن فيه ، وهو سكينة الربّ ، واليمّ بهذا الاعتبار هو الوجود المطلق الحقّ ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « فما وصل إلينا اسم يسمّى به إلَّا وجدنا معنى ذلك الاسم وروحه في العالم ، فما دبّر العالم [ أيضا ] إلَّا بصورة العالم » . يعني - رضي الله عنه - : أنّ الأسماء الإلهية - كالحيّ والعالم والمريد والخالق والقادر والرازق التي يسمّى بها الحق - حقائقها وأرواحها هي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والخلق والرزق ، وهي موجودة في الحيّ والعالم والمعلوم والمراد والمقدور والمخلوق
669
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 669