نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 641
إسم الكتاب : شرح فصوص الحكم ( عدد الصفحات : 736)
التعيّن والتشخّص لا غير ، وهو متعلَّق الحدوث والفناء والزوال وغيرها ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « فإذا تحقّق بما ذكرناه » يعني إذا نزل إلى حيوانيته وتحقّق بها « انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا في غير مادّة طبيعية ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية ، فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصور الطبيعية علما ذوقيا » . يعني - رضي الله عنه - : أنّ السالك المتحقّق بحيوانيته إن انتقل بعد ذلك إلى التحقّق بكونه عقلا مجرّدا عن القيود الطبيعية ، تحقّق حينئذ ذوقا أنّ العين - التي كانت في العقل عين العقل ، وفي النفس عين النفس ، وفي المعاني معنى مجرّدا معقولا ، وفي الحقّية وجودا بحتا صرفا - هو عين ذاته - تباركت وتعالت - وهو في الحيوان حيوان وفي الجماد [1] [ جماد ] قد ظهرت العين الحقيقة بهذه الصور كلَّها ، فهي أصل الكلّ ومنشؤه ومنبعه ، ومنه وعليه منبعثه ومهيعه ، وإلى العين مصيره ومرجعه ، وأنّه أيضا في صورة من صورها أصل ومنشأ لصورة أخرى بعدها . قال - رضي الله عنه - : « فإن كوشف على أنّ الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا » فإنّه قد أوتي الحكمة التي بها يغلب أعيان خلق العالم كلَّه مع كثرة صورها غير المتناهية حقّا واحدا أحدا لا كثرة فيه أصلا ، وهذا هو الخير الكثير . قال - رضي الله عنه - : « وإن اقتصر [ معه ] على ما ذكرناه ، فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ، فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ذوقا * ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ الله قَتَلَهُمْ ) * » [2] يعني - رضي الله عنه - : أنّ الله قتلهم في صوركم وموادّكم ، « وما قتلهم إلَّا الحديد والضارب والذي خلف هذه الصور ، فبالمجموع وقع القتل والرمي ، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها ، فيكون تامّا ، فإن شهد النفس ، كان مع التمام كاملا ، فلا يرى إلَّا الله عين ما يرى ، فيرى الرائي عين المرئيّ » كما كان يرى العلَّة عين المعلول « وهذا القدر كاف ، والله الموفق [ الهادي ] » .