نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 640
السماء الرابعة - هي الظاهرة في الصورة الإلياسية ، والمتعيّنة في إنّيّة إلياس الباقي إلى الآن ، فيكونان من حيث العين والحقيقة واحدا ، ومن حيث التعيّن الصوري والظهور الشخصي اثنين ، كحقيقة جبرئيل وعزرائيل وميكائيل ، يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى ، كلَّها قائمة موجودة مشهودة بهؤلاء الأرواح الكلَّية الكاملة ، فكذلك أرواح الكمّل وأنفسهم ، فافهم . وكذلك الحق - المتجلَّي في صور تجلَّيات لا تتناهى وتعيّنات أسماء إلهية لا تحصى - واحد في ذاته وعينه المنزّهة في عين كونه كثيرا بالصور والتعيّنات . ثمّ إنّه - رضي الله عنه - أحال التحقّق بهذه الحقيقة على الحقيقة من غير الطريقة على أن يتحقّق السالك بحيوانيته ، وينزل من حكم العقل إلى حيوانيته ، ويعزل عن حكم العقل جانبا ، حتى يبقى حيوانا محضا حقيقة ليعلم سرّ نزول إدريس - بعد أن تحقّق بروحانيته حتى بقي عقلا مجرّدا بلا شهوة - إلى صورة إلياسية مبعوثا إلى أهل بعلبكّ ، وفائدته في ذلك ، التحقّق بالمنزلتين : منزلة شهود الحق والتحقّق به في الملإ الأعلى ذوقا ، والتحقّق بشهود الحق أيضا في الأسفل والتحقّق به كذلك . حقّقنا الله وإيّاك بحقائق الجمع بين هذين الكمالين بحوله وفضله وطوله ، إنّه قدير . ولهذا دعا قومه في صورة إلياسية ، وأخبرهم بأحدية العين في عين كثرة لا تنحصر ، فقال الله - تعالى - حكاية عنهم في القرآن أنّه قال لهم : * ( الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ ) * [1] مع تحقّق كثرة المربوبين في أزمنة متغايرة بالتعين ، ومعلوم أنّ نسبة مربوب إلى ربّ غير النسبة الأخرى إلى مربوب آخر ، على أنّ النسبة والتعيّن والربوبية والمربوبية في الكلّ من حيث الإطلاق واحدة أيضا ، ولكن ليست هذه النسبة عين تلك النسبة الأخرى ، فاعقل ذلك ولا تغفله ولا تهمله أبدا ، فإدريس هو إلياس بحقيقته وعينه ، وليست صورته الإدريسية عين صورته الإلياسية ، فالصورتان متميّزتان غيران ، والعين واحدة ، والصورة - من كونها صورة مطلقة - واحدة أيضا ، فلا غيرية إلَّا في