نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 583
ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول - آمنوا به وأقرّوا » أي أثبتوه نبيّا وأقرّوا بنبوّته « فلمّا زاد حكما أو نسخ حكما كان قد قرّره موسى - لكون عيسى رسولا - لم يحتملوا ذلك ، لأنّه خالف اعتقادهم فيه ، وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه ، فطلبت قتله ، فكان من قصّته ما أخبرنا الله - تعالى - في كتابة العزيز عنه وعنهم فلمّا كان رسولا قبل الزيادة : إمّا بنقص حكم قد تقرّر ، أو زيادة حكم . على أنّ النقص زيادة حكم بلا شكّ . والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب ، وإنّما تنقص أو تزيد على الشرع الذي قد تقرّرنا بالاجتهاد ، لا على الشرع الذي شوفه به محمّد صلى الله عليه وسلم فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم ، فيتخيّل أنّه عن الاجتهاد وليس كذلك ، وإنّما هذا الإمام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم [1] ولو ثبت لحكم به ، وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل ، فما هو معصوم من الوهم ، ولا من النقل على المعنى ، فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم ، وكذلك يقع من عيسى عليه السّلام فإنّه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرّر ، فيبيّن برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السّلام ولا سيّما إذا تعارضت بأحكام الأئمّة في النازلة الواحدة ، فيعلم قطعا أنّه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه ، فذلك هو الحكم الإلهي ، وما عداه - وإن قرّره الحق - فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمّة واتّساع الحكم فيها » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ الخلافة المنفردة عن النبوّة التشريعية ورسالتها المنقطعتين بخاتم الأنبياء والرسل عليهم السّلام ليس [ لها ] هذا المنصب من الحكم ظاهرا من وجهين : أحدهما : أنّ الخلفاء من بني العبّاس خلفاء من تقدّمهم من خلفاء رسول الله ، والحكم الذي كانوا يحكمون به غير مأخوذ عن الله ، على ما كان يأخذه الرسول أو الوليّ الخليفة ، بل مأخوذ عن النقل أو باجتهاده لا غير ، فلو كان الخليفة منهم آخذا خلافته عن الله وحكمه فيما يحكم به عن الله ، وكان له الحكم والسيف ظاهرا ، لكان له هذا