نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 579
قال - رضي الله عنه - : « وسمّى محمّدا بحروف الاتّصال والانفصال ، فوصله به وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالين في اسمه ، كما جمع لداود بين الحالين من حيث [1] المعنى ، ولم يجعل ذلك في اسمه ، فكان ذلك اختصاصا لمحمّد على داوود ، أعني التنبيه عليه باسمه ، فتمّ له الأمر عليه السّلام من جميع جهاته ، وكذلك في اسم [2] أحمد ، فهذا من حكمة الله » . أي إنّما سمّاهما الله لحكمة دالَّة على حقائقهما من هذه الحروف والترتيب والتركيب والوضع والوزان التي في أسمائهما لمن عقل عن الله وما أغفل شيئا من الأشياء إلَّا شاهد حكمة الله المودعة فيه . قال - رضي الله عنه - : « ثم قال في حق داوود ، فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه ترجيع [3] الجبال معه التسبيح ، فتسبّح لتسبيحه ، ليكون له عملها ، وكذلك الطير » . [4] قال العبد : يريد أن يوفي بحمد الله إلى الحكم والحقائق التي أوجبت ترجيع الجبال والطير لداود عليه السّلام بلسان الإشارة الكشفية ، فنقول : الجبال هي صورة الرسوخ والتمكَّن والثبات ، الخصيصة بالكمّل ، المتعيّنة حجابياتها في الجسمانيات والأماكن العالية ، المحتوية على جواهر الحقائق الكمالية التي أومأنا إليها ممّا يصعب الصعود عليها ، وقد أودعت في الحقائق الجسمية ، ممّا ليس في عالم الأرواح إلَّا روحانياتها ، ولا في عالم المعاني إلَّا معانيها وأعيان حقائقها من كمال الظهور والعلوّ وأحدية الجمع ، وما ذكرنا . والطير صور القوى والحقائق والخصائص الروحانية في نشأة الإنسان الكامل ، ولمّا كان داوود عليه السّلام من كمال تبتّله وانقطاعه إلى الله بالمحبّة الدائمة والهيمان فيه والعشق وإيثار جنابه - تعالى - على نفسه وسواه وشدّة الشوق إليه بحيث تبعته قواه الجسمانية وقواه الروحانية ، فغلب عليه وعلى قواه الجسمانية والروحانية الانقطاع والرجوع إلى
[1] في بعض النسخ : من طريق المعنى . [2] في بعض النسخ : اسمه . [3] مبتدأ مؤخر و « فيما » خبر مقدّم ومفعول أعطى ، الثاني محذوف ، فنصبه على أنّه مفعول ثان لأعطى - كما في بعض الشروح - خطا . [4] توجيه الجرّ أو النصب بما في شرح القيصري بعيد ، والحقّ أنّ « كذلك » خبر مقدّم و « الطير » مبتدأ مؤخّر ، والمراد ترجيع الطير ، فحذف المبتدأ وقام المضاف إليه مقامه .
579
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 579