نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 570
إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت : * ( مَعَ سُلَيْمانَ ) * فتبعته فما يمرّ بشيء من العقائد إلَّا مرّت به معتقدة ذلك كما نحن على الصراط المستقيم الذي الربّ عليه ، لكون نواصينا بيده وتستحيل مفارقتنا إيّاه ، فنحن معه بالتضمين ، وهو معنا بالتصريح ، فإنّه قال : * ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ) * [1] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا » . يعني - رضي الله عنه - : أنّ كوننا على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم ، فنحن معه على الصراط في ضمن كونه على الصراط المستقيم ، ككون بلقيس في إسلامها بالتضمين والتبعية لإسلام سليمان . قال - رضي الله عنه - : « فهو - تعالى - مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه فما من أحد من العالم إلَّا على صراط مستقيم وهو صراط الربّ تعالى ، وكذا علمت بلقيس من سليمان ، فقالت : * ( لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) * وما خصّصت عالما من عالم . وأمّا التسخير - الذي اختصّ به سليمان ، وفضل به غيره ، وجعله الله من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده - فهو كونه عن أمره ، فقال : * ( فَسَخَّرْنا لَه ُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِه ِ ) * [2] ، فما هو من كونه تسخيرا ، فإنّ الله - تعالى - يقول في حقّنا [ كلَّنا من غير تخصيص ] : * ( وَسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْه ُ ) * [3] وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ، ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله ، فما اختصّ سليمان - إن عقلت - إلَّا بالأمر من غير جمعية ولا همّة ، بل بمجرّد الأمر وإنّما قلنا ذلك ، لأنّا نعرف أنّ أجرام العالم تنفعل لهم [4] النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية قد عاينّا ذلك في هذا الطريق ، فكان من سليمان مجرّد التلفّظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همّة ولا جمعية » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ التسخير السليمانيّ لم يكن بالهمّة والجمعية وتسليط الوهم ، وبالأقسام العظام ، وأسماء الله الكرام ، بل بمجرّد الأمر ، ويحتمل ذلك ، لمن