نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 544
قد حصل [1] ، فيسقيه الدواء ليسرع في النجح [2] ، وإنّما رسب [3] لرطوبيته وبرودته الطبيعية ، ثمّ إنّ هذا الشخص الإنساني عجن طينته بيديه وهما متقابلتان وإن كانت كلتا يديه يمينا ، فلا خفاء بما بينهما من الفرقان ، ولو لم يكن [4] إلَّا كونهما اثنتين أعني اليدين ، لأنّه لا يؤثّر في الطبيعة إلَّا ما يناسبها ، وهي متقابلة فجاء باليدين » . يشير - رضي الله عنه - في كلّ ذلك إلى أنّ التقابل في الأمر الواحد من جهتين مختلفتين موجود ومشهود ، وأنّ الطبيعة التي لها التضادّ والتقابل عامّة الحكم في الصور الأسمائية والكونية ، ولولا أنّ في حقيقة الحق قبول كلّ ذلك ، لما وجدت هذه المتقابلات منها ، ولأنّ في طبيعة البشر جمعا بين المتقابلات توجّه الحق في إيجاده باليدين المتقابلتين ، وهما الفعل والانفعال اللذين في حقيقتي الربّ والمربوب ، والإله والمألوه في الذات ، أو الجلال والجمال ، واللطف والقهر في الإلهيات ، وكل ذلك مشير إلى التقابل في الأصل ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « ولمّا أوجده باليدين سمّاه بشرا للمباشرة اللائقة بذلك الجناب باليدين المضافتين إليه ، وجعل ذلك من عنايته لهذا النوع الإنسانيّ ، فقال لمن أبي عن السجود له : * ( ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ ) * [5] على من هو مثلك يعني عنصريا * ( أَمْ كُنْتَ من الْعالِينَ ) * [6] عن العنصر ولست كذلك ، ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون في نشأته النورية عنصريّا وإن كان طبيعيّا ، فما فضل الإنسان غيره من الأنواع العنصرية إلَّا بكونه بشرا من طين ، فهو أفضل نوع من كل ما خلق من العناصر من غير مباشرة باليدين » . يعني : من كونه باشر الله خلقه بيديه ، وهو حقيقة الجمع بين المتقابلات والمتماثلات كلَّها .
[1] في بعض النسخ : قد كمل . [2] في بعض النسخ : في النضج . [3] في بعض النسخ : يرسب . [4] أي الفرقان . [5] ص ( 38 ) الآية 75 . [6] ص ( 38 ) الآية 75 .
544
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 544