نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 534
بوجوده الحق في جميع العالم أبدا ، كما مرّ ، ولكن كفروا بوصفهم هوية الله في صورة ابن مريم على التعيين . قال - رضي الله عنه - : « فعدلوا بالتضمين من الله من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتيّة البشرية بقولهم : ابن مريم وهو ابن مريم بلا شكّ ، فتخيّل السامع أنّهم نسبوا الإلهية للصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا ، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة والحكم ، لا أنّهم جعلوا الصورة عين الحكم » . يعني - رضي الله عنه - : أنّهم قالوا : * ( إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) * [1] ، ففصلوا بين الصورة المسيحية المريمية وبين الله بالهوية ، ولم يقولوا : الله المسيح بن مريم ، فتخيّل السامع أنّهم نسبوا الألوهية القائمة بذات الله إلى الصورة المسيحية وما فعلوا ذلك ، بل فصلوا بالهوية بين الصورة العيسوية وبين الحكم بحمل اللاهوت على الهوية ، فاقتضت حصر الإلهية في عيسى بن مريم . قال - رضي الله عنه - : « بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم » . أي جعلوا الله بهويته موضوعا ، وحملوا الصورة عليه فحدّدوا الهوية الإلهية وجعلوها محصورة في صورة الناسوت المعيّنة وهي غير محصورة ، بل له هوية الكلّ ، فجمعوا بين الكفر بأنّ الله هو هذا ، فستروا الهوية الإلهية في عيسى ، وبين الخطأ بأنّه ليس إلَّا فيه - أي هي هي هو لا غير ، وقد كان هو عين الكلّ - ولا في البعض ، بل مطلقا في ذاته عن كل قيد وإطلاق ، كما عرفت . قال - رضي الله عنه - : « كما كان جبرئيل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ، ففصل بين الصورة والنفخ ، وكان النفخ من الصورة ، فقد كانت الصورة ولا نفخ ، فما هو النفخ من حدّها الذاتي » . يشير - رضي الله عنه - : إلى أنّ هذا الاختلاف كما كان بين حقيقة الصورة البشرية ،