نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 502
لا متّسع [1] لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟ ! وهذه المعرفة تفرّقه عن هذه الجمعية ، فيظهر العارف التامّ المعرفة بغاية العجز والضعف . قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزّاق - سلام الله عليه - : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين ! لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ؟ وكذلك كان » يعني : كان تعتاص عليه أمور « مع كون أبي مدين - رضي الله عنه - كان عنده ذلك المقام وغيره ونحن أتمّ في مقام الضعف والعجز منه ومع هذا قال له هذا البدل ما قال ، وهذا من ذلك القبيل . وقال صلى الله عليه وسلَّم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك : * ( ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ ) * [2] والرسول يحكم ما يوحى إليه به ، ما عنده غير ذلك ، فإن أوحي إليه بالتصرّف فيه بجزم ، تصرّف ، وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التصرّف ، إلَّا أن يكون ناقص المعرفة » . قال العبد : نقصان معرفة المتصرّف المخيّر قد يكون من حيث عدم العلم بأنّ حقيقة الفعل والتأثير والتصرّف من خصوص الحضرة اللاهوتية ، وأنّها ذاتية لحقيقة الله ، عرضية في العبد ، وأنّ الوقوف مع العبودية للعبد أولى ، لكون العبودة ذاتية له ، وأنّ الظهور بالذاتيات أعلى وأشرف من الظهور بالربوبية العرضية . وقد يكون من حيث عدم التأدّب مع المرتبة الإلهية ، وأنّ استخلاف الله فيما خلَّف فيه ، واتّخاذه وكيلا كلَّيا أعلى مقام المعرفة والتحقيق ، ولهذا كمل الرسل والورثة بحكم ما يوحى إليهم ، فإن أوحي إليهم بالتصرّف ، كانوا مأمورين بذلك ، فتصرّفوا كتصرّفهم في قومهم بالهلاك والنجاة . وإن أوحي إليهم بالامتناع تأدّبوا ووقفوا أدبا . وإن أوحى إليهم بالاختيار بين التصرّف وتركه ، علموا أنّه لو كان الأرجح في علم الله خلاف ما أمروا به ، لما خيّروا ، بل أمروا به ، وحيث خيّروا فالخيرة في