نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 487
وبيّن عند أهل الكشف ، خفيّ عند أهل الحجاب ، لأنّ الشبيهين على كل تقدير ، بينهما تغاير في التعيّن ، فهما غيران ، ولكنّ الصحيح لا يقتضي الغيرية في الحقيقة ، لكون العين واحدة مترائية ومتظاهرة في صور متشابهة غير متناهية من الكثرة ، كما أنّ مدلول القادر والخالق والرازق إنّما هو الله ، فإنّه هو الرزّاق القادر الخالق ، ولكن صور التجلَّي من جهة القادرية والخالقية والرازقية متغايرة ، والمسمّى واحد بلا خلاف ، ومثال ذلك على ما مثّله - رضي الله عنه - الهيولى تؤخذ - ولا بد - في حدّ كل صورة من حيث إنّ الصورة لا توجد إلَّا حالة في محلّ هو هيولاها ، وليست في الوجود إلَّا عينها ، لعدم امتياز أحدهما عن الآخر إلَّا عقلا لا وجودا ، فالكثرة في الصورة ، والجوهر واحد هو الأصل ، فالصورة عرض حالّ في جوهر هو محلَّه ، ولا يوجد إلَّا به وفيه بل هو هو في الوجود ، فكذلك كثرة صور التجلَّيات في عين واحدة هو حقيقة المتجلَّي الحقّ * ( وَلِلَّه ِ الْمَثَلُ الأَعْلى ) * [1] فإنّ الصورة حالة في المادّة ، فهي محلَّها والفاعل لها فيها غيرهما على ما عرف في العرف الفلسفي الظاهر ، لا في نفس الأمر ، فإنّ التحقيق يقضي أنّ الكلّ في الكلّ من الكلّ عين الكلّ ، والحلول لا يتعقّل إلَّا بعد البينونة ولا بينونة ، فإنّه بإجماع الخصم لا وجود لأحدهما بدون الآخر ، فالقابلية والفاعلية والانفعال نسب في جوهر واحد هي أحكام له فيه ومنه ، فافهم ذلك واستشرف منه إلى ما نحن بصدد بيانه . ثم اعلم : أنّ الأمر في الإنسان الكامل كذلك ، فإنّ قلبه يتقلَّب مع الحق في كل منقلب ، فيكون مع كل آن في شأن بربّه ، ومن عرف نفسه بهذه المثابة ، فقد عرف ربّه الذي هو كذلك ، لكونه خلق على صورته ، وهو هويّته . قال - رضي الله عنه - : « ولهذا ما عثر أحد من العلماء والحكماء » يعني الظاهريّين « على معرفة النفس وحقيقتها إلَّا الإلهيّون من الرسل والصوفية ، وأمّا أصحاب النظر وأرباب الفكر - من القدماء والمتكلَّمين في كلامهم في النفس وماهيتها - فما منهم من عثر على حقيقتها ، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا ، فمن طلب العلم بها من طريق النظر