نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 295
والمفصّل ، وما في التحصيل حينئذ تفصيل لتوصيل من كل وجه ، والجمع أكمل وأشمل ، فتحقّقه . قال - رضي الله عنه : « ولذلك ربط النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - معرفة الحق بمعرفة النفس ، فقال : « من عرف نفسه ، فقد عرف ربّه » وقال تعالى : * ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ ) * وهو ما خرج عنك * ( وَفي أَنْفُسِهِمْ ) * وهو عينك * ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ ) * أي للناظرين * ( أَنَّه ُ الْحَقُّ ) * [1] أي من حيث إنّك صورته وهو روحك . فأنت له كالصورة الجسمية لك ، وهو لك كالروح المدبّر لصورة جسدك ، والحدّ يشمل الظاهر والباطن منك ، فإنّ الصورة الباقية إذا زال عنها الروح المدبّر لها ، لم يبق إنسانا ، ولكن يقال فيها : إنّها صورة تشبه صورة الإنسان ، فلا فرق بينها وبين صورة من خشب أو حجارة ، ولا ينطلق عليها اسم إنسان إلَّا بالمجاز لا بالحقيقة » . قال العبد : معرفة العبد ربّه من معرفة نفسه على وجهين : أحدهما : معرفة النظير . والثاني : معرفة النقيض فيعرف ربّه بالكمالات الحاصلة فيه بأنّه للحق على الوجه الأكمل الأحقّ ، ويعرف أيضا بنقائض ما هو عليه من النقائص ، وسلب جميع ما هو عليه من صفات النقص عن الجناب الإلهي ، وهذا أيضا معرفة مجملة بالربّ ، حاصلة من معرفة مجملة أيضا كذلك بالنفس ، فكما لم يعرف النفس على التفصيل ، كذلك لم يعرف الحق على التفصيل ، وإنّما لم يعرف نفسه على التفصيل ، لأنّه على صورة ربّه ، وصورة العالم ، وكلّ واحد منهما غير متناهي التفصيل ، فالمعرفة التفصيلية تستحيل إلَّا ما شاء الله العليم القدير ، ولهذا ربط رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معرفة الربّ بمعرفة النفس ، لأنّ الإنسان الذي هو أحدية جمع جمع الجميع ، إذا علم حقائق نفسه ، روحانيّها وطبيعيّها مع قواها ولوازمها ولوازم لوازمها وعوارضها ولواحقها على التفصيل أو على الإجمال ، كانت معرفته بربّه كذلك . فقال : * ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ ) * وهو ما خرج عنك ظاهرا ، إذ لا خارج عنك معنى * ( وَفي أَنْفُسِهِمْ ) * [2]