نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 243
وأجيب عن هذا : أنّ انعكاس النظر والقوّة الباصرة عن الجسم الصلب الصقيل يوجب ذلك في مرآة البصر ، لأنّه انعكس [1] بحسب المرآة فأدّى الصورة منصبغة بموجب محلّ انعكاس النظر أوّلا . وقال بعضهم : الصورة غير منطبعة في المرآة ، ولكنّها بين بصر الرائي وبين المرئيّ . وذلك مبلغه من العلم . وقيل : إنّ الصورة مدركة بعد انعكاس النظر عن الجسم الصقيل في عالم المثال . والحق أنّ الصورة لو لم تكن منطبعة في المرآة ، لما تكيّفت بكيفيّتها من الاستدارة والاستطالة ، ولم تنعكس أيضا على قول القائلين بالانعكاس كذلك أيضا ، فإنّها إن انعكست إنّما تنعكس بعد الانطباع . وفي هذا الموضع مباحث شريفة : منها : أنّ مرآتية الباصرة إن لم تنطبع فيها الصورة المثالية ، لما حصل الإدراك ، فإن كان حصولها في المرآتيّة البصرية بعد انعكاسها في سطح المرآة في الخارج ، لكان اليمين يمينا واليسار يسارا ، لأنّها صورة مثال المثال قد انعكس مساويا للأصل ومشاكلا له في الأصل في صورة مرئيّة في المرآة ، وليس ذلك كذلك ، فالإدراك إذن تعلَّق بالصورة في المرآة منعكسة ، أو انعكست مرآة الباصرة إلى الصورة الخارجة من هذا الجسم الصلب الصقيل على هيئة السطح ، فانعكست أمثلة الصور في مرآة الباصرة ، فأدركته المدركة منعكسة كذلك مثل انعكاسها في المرآة الخارجة ، فكان يمينها يسارا للصورة الأصلية ، والأعلى أسفل في بعض الأوضاع ، لتخالف الجهات في مطامح النظر ، فتدركها القوّة الباصرة - بنورها الذاتي ومعاونة نور الضوء الخارج - فيها بحسبها ، بل بحسب تعيّنها في المرآة ، فافهم . وإذا تحقّقت بهذه الأصول في الشاهد ، فاعلم : أنّ تعيّن الحق لك في مرآة عينك الثابتة إنّما يكون كذلك بحسبها وبموجب خصوصيتها وصورة استعدادها ، فما ترى الحق في تجلَّيه الذاتي لك إلَّا بصورة عينك الثابتة ، فعينك في رؤيتك للحق المتجلَّي لك