نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 242
أنت ، ولم تكن عين الكلّ ، فلن ترى الحق - الذي هو عين الكلّ - المطلق عن قيد التعيّن في الكلّ وبالكلّ ، وعن الجمع بين القيد والإطلاق ، فكيف أنت تعلم أنّك متعيّن - بصورتك الأزلية الأصلية العلمية - في عين صورتك العينية الفصليّة الوصلية الأبدية في مرآتية الوجود الحق والحقّ المطلق ، فكما أنّ الرائي صورته أو صورة غيره في المرآة لا يرى سوى صورة الناظر ، ولا يمكن أن يرى جرم المرآة حال استغراق الشهود والرؤية بالصورة المثالية المرئيّة ، إذ الشهود التعيّني والإبصار الشخصي التشخّصي لا يسع في كل وقت واحد معيّن إلَّا مشهودا واحدا معيّنا كذلك وصورة واحدة شخصية ، مع علمه بأنّ تعيّن الصورة المشهودة وحصول الرؤية وتعلَّق الشهود بما ليس إلَّا في المرآة ، ولهذا تكسب الصورة صفتها ، فافهم . قال - رضي الله عنه : « حتى أنّ بعض من أدرك مثل هذا في [1] صور المرئيّ ذهب إلى أنّ الصور المرئيّة بين بصر الرائي وبين المرآة . هذا أعظم ما قدر عليه من العلم . والأمر كما قلناه وذهبنا إليه . وقد بيّنّا هذا في الفتوحات المكَّية . وإذا ذقت هذا ، ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في وسع المخلوق . فلا تطمع ولا تتعب نفسك في أن ترقى في أعلى من هذا الدرج ، فما هو ثمّ أصلا وما بعده إلَّا العدم [ المحض ] » . [ بيان الأقوال في الإبصار ] قال العبد : اختلفت الأقوال في كيفيّة تعلَّق الرؤية بالصورة المرئيّة في المرآة : فمن قائل : إنّ مثال الصورة منطبع في المرآة ، ويتعلَّق به الشهود والرؤية في المرآة . ومن قائل : إنّ الجسم الصقيل الصلب يوجب انعكاس النظر إلى ما يحاذي المرآة ، فيدركه البصر خارجا عن المرآة . وقيل له : لو كان ذلك كذلك ، لما أدرك اليمين شمالا ، ولا الصورة على شكل المرآة ، بل أدركها - كما هي - خارجة عن المرآة .