نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 232
وإن أطلق لفظا ، فكذلك العطاء بلا سؤال غير واقع ، فإن لم يكن سؤال لفظي ، ووقعت الإجابة ، ووصلت الصلات والهبات ، وشملت الرحمة والبركة ، فاعلم أنّ الألسنة المذكورة هي التي استدعتها واقتضتها ، ولكنّ الاستعداد لا يشعر به صاحبه ، لغموضه ، ويشعر بالحال ، لكون الحال باعثا له على الطلب والسؤال ، فيعلم أنّ لسان حاله هو الباعث له على السؤال باللسان ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « والاستعداد أخفى سؤال » . يعني - رضي الله عنه - : لهذا لا يشعر به صاحبه ، لخفائه وكونه موقوفا على علم القدر المعلوم لأهل الكشف من العلم الإلهي القائم بالحق ، وهو أصعب العلوم وأعزّها منالا ، وأعلاها مثالا ، وأنفعها مآلا ، وأرفعها مقاما وحالا . قال - رضي الله عنه - : « وإنّما يمنع هؤلاء » يعني الذين لا يسألون « عن السؤال علمهم بأنّ لله فيهم سابقة قضاء ، فهم قد هيّأوا محلَّهم لقبول ما يرد منه ، وقد غابوا عن نفوسهم وأغراضهم » . يعني : أوجب عليهم علمهم وتحقّقهم بأنّه لا بدّ من وقوع ما قدّر الله لهم وعليهم بلا تخلَّف بموجب علمه . قال - رضي الله عنه - : « ومن هؤلاء من يعلم أنّ علم الله به في جميع أحواله هو ما كان عليه في حال ثبوت عينه قبل وجودها ، ويعلم أنّ الحق لا يعطيه إلَّا ما أعطاه عينه من العلم به وهو ما كان عليه في حال ثبوته ، فيعلم علم الله به من أين حصل ، وما ثمّ صنف من أهل الله أعلى وأكشف من هذا الصنف ، فهم الواقفون على سرّ القدر » . قال العبد - أيّده الله به - : ومن العلماء بسابق علم الله وقضائه وقدره بجميع ما يجري عليهم صنف هم أكشفهم شهودا وأكملهم علما ووجودا بأنّ جميع أحواله وأفعاله وما يصل إليه من العطايا والمواهب الإلهية إنّما يكون بحسب ما أعطته عينه الثابتة التي هي عبارة عن صور معلوميّته لله - تعالى - أزلا قبل وجوده العيني ، وأنّ العلم الإلهي إنّما تعلَّق بالمعلوم بحسب المعلوم ، ولا تأثير للعلم في المعلوم بما ليس فيه إذ العلم عبارة عن تعيّن العلم في نفس العالم على ما هو عليه ، وكشف العالم للمعلوم كشفا
232
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 232