responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 216


ولكون جنابه - تعالى - أحدية جمع الكمالات الإحاطية وجودا ومرتبة .
والفرق بين التنزيه النوحي والإدريسي أنّ دعوة نوح عليه السّلام وذوقه تنزيه عقلي ، وتنزيه إدريس عليه السّلام عقلي ونفسي ، فإنّ إدريس عليه السّلام ارتاض حتى غلبت روحانيته على طبيعته ومزاجه وتروحن ، وكان كثير الانسلاخ والمعراج ، وخالط الملائكة والأرواح ، وعاشرهم وخرج عن صنف البشر ستّ عشرة سنة ، لم ينم ولم يأكل حتى بقي عقلا مجرّدا ، وعرج به إلى السماء الرابعة ، بخلاف نوح عليه السّلام لأنّه كان قائما بحظَّ النفس والروح ، وتزوّج وولد له ، وهو الأب الثاني ، فتنزيه إدريس أبلغ وأتمّ ، فإنّه نزّه الحق من حيث تعيّنه في عينه عن أوساخ الطبيعة والجسمانية ، وبقي في نفسه عقلا مجرّدا ، وسقطت عنه شهوته ، كما يرد عليك ، فافهم .
قال - رضي الله عنه - : [ 5 ] « ثم حكمة مهيمنيّة [1] في كلمة إبراهيمية » .
قال العبد : هي شدّة العشق وغلبة الهيمان ، وهو عدم الانحياز إلى غرض معيّن ، بل إلى المحبوب في أيّ جهة كان لا على التعيين ، وهذه المرتبة تحقّقت أوّلا في الأرواح العالية المهيّمة [2] ، تجلَّى لهم الحق في جلال جماله ، فهاموا فيه ، وغابوا عن أنفسهم فلا يعرفونها ولا غير الحق ، وغلب على خليقتهم [3] حقيقة [4] التجلَّي ، فاستغرقهم واستهلكهم وملكهم ، وتحقّق ذلك - فيمن تحقّق من كمّل الأنبياء - إبراهيم [5] عليه السّلام لأنّه كان خليل الرحمن ، والخليل هو المحبّ الحبيب الذي يتخلَّل في خلال روح المحبّ والمحبّ في الحبيب ، كما قال : تخلَّلت مسلك الروح منّي . ولهذا سمّي الخليل خليلا ، والخليل عليه السّلام غلبته محبّة الحق ، حتى تبرّأ عن أبيه في الحق وعن قومه ، وذبح ابنه في سبيل الله ، وخرج عن جميع ماله - مع الكثرة المشهورة - لله ، كما قيل عنه : إنّ ملائكة الله - تعالى - قالوا : لا بدّ مع هذا الخير والبركة والنعمة والمال والوجاهة والنبوّة والملك والكتاب -



[1] كذا في النسختين والصحيح - كما في بعض النسخ - : مهيميّة .
[2] م : المهيّميّة .
[3] كذا . والظاهر : خلقيّتهم .
[4] ف : حقّيّة .
[5] ف : بإبراهيم .

216

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست