نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 189
يعني - رضي الله عنه - : أنّ هذا الأمر العامّ من حيث عدم تعيّنه في الوجود العيني متميّز ، وتميّزه عن الأعيان الوجودية في الخارج أمر عدمي ، وهو معدوم العين ، ومهما ساغ الارتباط بينها - مع كونها معدومة الأعيان - وبين الموجودات العينية ، فوجود الارتباط بين الموجودات أولى وأحقّ ، وعلى هذا يكون الارتباط بين الموجود القديم الحق ، وبين الحادث الخلق ثابتا صحيحا ، وهو المطلوب . قال - رضي الله عنه - : « ولا شكّ أنّ المحدث قد ثبت حدوثه وافتقاره إلى محدث أحدثه لإمكانه لنفسه ، فوجوده من غيره ، فهو مرتبط به ارتباط افتقار ، ولا بدّ أن يكون المستند إليه واجب الوجود لذاته غنيّا في وجوده بنفسه ، غير مفتقر ، وهو الذي أعطى الوجود [ بذاته ] لهذا الحادث فانتسب إليه [ ولمّا اقتضاه لذاته كان واجبا به ] » . قال العبد - أيّده الله - : كون العالم ممكنا في حقيقته يقتضي أن يكون في ذاته مفتقرا إلى المرجّح في الوجود لأنّ الممكن - من حيث هو ممكن مع قطع النظر عن المرجّح - نسبته إلى الوجود والعدم بالسواء ، فهو من حيث هو ممكن ليس بأولى أن يوجد ، وإلَّا لكان واجبا ، ولا أن لا يوجد وإلَّا لكان ممتنعا وكلّ ممتنع الوجود فليس بممكن وإلَّا لكان الممكن باللاوجود أولى ولم يكن ممكنا ، وكذلك كل واجب الوجود فليس بممكن بالإمكان الخاصّ ، وإن صدق إطلاق الإمكان العامّ عليه عرفا خاصّا ، فإنّا لا نعني بالإمكان العامّ إلَّا عدم الامتناع ، فلمّا لم تكن للممكن أولويّة الانحياز إلى أحد النقيضين ، افتقر في تعيّنه - إما في الوجود أو في العدم - إلى المرجّح ، وعلى جميع التقادير ثبت افتقاره إلى المرجّح ، وهو الحق الواجب الوجود لذاته لأنّ المفتقر إليه إن لم يكن واجب الوجود ، لزم أن يكون ممكنا أو ممتنعا ، فإن كان ممكنا فالقول فيه كالقول في كل ممكن ، ولزم إمّا الدور وإمّا التسلسل في العلَّة ، وهما باطلان عقلا ، وإن كان ممتنعا ، فلا يصلح أن يكون واجب الوجود ما لا وجود له ، ولا قابلا للوجود ، فلم يبق إلَّا أن يكون المرجّح الواهب للوجود واجب الوجود لذاته غنيّا في وجوده بذاته عن الغير ، غير مفتقر إليه . وليس المراد من الواجب إلَّا ذاتا لا افتقار بها في وجودها إلى الغير ، فوجودها إذن من ذاتها ضروري واجب .
189
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 189