نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 158
وحقائقها أيضا من عدم ظهور آثارها من خفاء حكم الغيب والعدم ، بإظهارها في محالّ أحكامها وأسرارها في حقائق مظهرياته المعنوية والروحانية والطبيعية والعنصرية والمثالية ، فالإنسان هو المظهر الكلَّي والمقصد الغائي الأصلي ، حامل الأمانة الإلهية ، وصاحب الصورة المثلية المنزّهة عن المثلية [1] ، فقبوله للتجلَّي الإلهي أكمل القبول ، لأنّه ما من قابل من القوابل - يقبل الفيض على نحو من القبول وتعيّن الصورة الإلهية بمظهريته - إلَّا وفي الإنسان الكامل مثال ذلك على الوجه الأكمل والأتمّ فروحانيته أتمّ الروحانيات وأكملها ، وطبيعته العنصرية أجمع الأمزجة وأعدلها ، ونشأته أوسع النشآت وأفضلها وأشملها ، واستعداده لظهور الحق وتجلَّيه أعمّ المظهريات والاستعدادات وأقبلها ، وتعيّن صورة الحق والخلق في مظهريته أكمل التعيّنات وأجلَّها ، وبه حصل كمال الجلاء والاستجلاء ، وبه اتّصل كمال الذات بكمال الأسماء ، وكان آدم عليه السّلام أوّل الصورة الإنسانية العنصرية ، فهو عين جلاء تلك المرآة المسوّاة شبحا لا روح فيه قبل وجود هذه النشأة الإنسانية الكمالية ، وجلى الحقّ هذا المجلى الأتمّ والمظهر الأعمّ ، وجلا به الصدأ الذي كان في شخص العالم ، وتجلَّى له فيه تجلَّيا كاملا ، فرأى نفسه فيه ، كما تقتضيه ذاته الكمالية ، وظهر لنفسه فيه ظهورا جامعا بين الكمال الأسمائي والكمال الذاتي ، وكمل به العالم أيضا ، فظهر الحق به على أكمل صورة لأنّه على صورة آدم الذي هو على صورة الحق ، فكان آدم عين قابلية العالم وإنسان عينه وعين جلاء قلبه القابل للتجلَّي الكمالي الجمعي الإلهي ، فالصورة الإلهية الظاهرة في مرآتيته هي روح العالم ، والمظهرية الإنسانية هو القلب القابل المؤمن لصورة الحق الظاهر فيه وبه عن التغيّر والتحريف عمّا هي عليه في نفسها ، فافهم . قال الشيخ - رضي الله عنه - : « وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة التي هي صورة العالم المعبّر عنه في اصطلاح القوم بالإنسان الكبير » . قال العبد - أيّده الله به - : اعلم : أنّ الملائكة هي أرواح القوى القائمة بالصورة الحسّيّة الجسمية ، والأرواح النفسية والعقلية القدسية ، وتسميتها ملائكة لكونها روابط