نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 129
قال العبد : تجريد القصد والهمّة هو أن يكون أحديّ التوجّه والعزيمة فيما همّ به ونوى من غير أن يتخلَّله متخلَّل في ذلك . قال - رضي الله عنه - : « كما حدّه لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير زيادة ولا نقصان » لكونه ممتثلا أمره على ما أمره ، وعلى الوجه الذي أراده والحدّ الذي عيّنه ورسم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنّ مقام الأمانة لا يحتمل الزيادة والنقصان . قال - رضي الله عنه - : « وسألت الله أن يجعلني [ فيه و ] في جميع أحوالي من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان ، وأن يخصّني في جميع ما يرقمه بناني ، وينطق به لساني ، وينطوي عليه جناني بالإلقاء السبّوحي والنفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامي » . يشير - رضي الله عنه - إلى قوله - تعالى - : * ( وَما [ أَرْسَلْنا من قَبْلِكَ ] من رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِه ِ فَيَنْسَخُ الله ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ الله آياتِه ِ ) * [1] يعني - رضي الله عنه - : لمّا تمنّيت ما منّاني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنّي أرجو من الله أن لا يكون للشيطان عليّ سلطان . وقوله : « أرجو » لسان أدب مع الله فإنّه على اليقين ممّن قال الله فيهم : * ( إِنَّه ُ لَيْسَ لَه ُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) * [2] لكونه - رضي الله عنه - مستكملا درجات الإيمان ، فحائز منه إلى حقيقة الشهود والإحسان ، متحقّقا على مقامات التوكَّل على الإيقان والإتقان ، فيخرج قوله : « أرجو » مخرج قوله : إنّ في الحقيقة درجة واحدة لا يصلح أن تكون إلَّا لرجل واحد ، وأرجو أن أكون ذلك الرجل فإنّه محقّق عند المحقّقين أنّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذلك الرجل على التعيين ، ولكنّ الأدب مع الله أعلى مقامات المحقّقين ، وأكمل درجات الكمّل المقرّبين ، ولأنّ مواضع إلقاء الشياطين - التي يستعيذ بالله منها جميع العائذين - إنّما تكون في النطق عند التلاوة ، أو حال كتابة إلقاء الله ووحيه إلى أهل وحيه ، أو في الخاطر والهاجس ، وذلك في الجنان وهو محلّ