الناطق الباطن في الحد ( فإن الصورة الباقية ) ما دام حيا ( إذا زال عنها الروح المدبر لها لم يبق إنسانا ولكن يقال فيها إنها صورة تشبه صورة الإنسان ) إذ ليس فيها معنى الإنسان ( فلا فرق بينها وبين صورة من خشب أو حجارة ، ولا ينطلق عليها اسم الإنسان إلا بالمجاز لا بالحقيقة ) . قوله ( وصور العالم لا يمكن زوال الحق عنها أصلا ، فحد الألوهية له بالحقيقة لا بالمجاز كما هو حد الإنسان إذا كان حيا ) بناء على أن الحد يشمل الظاهر والباطن ، لأن صور العالم ظاهر الحق وروح العالم باطنه ولا يمكن زوال روح العالم عن صوره ، فحد الألوهية باعتبار الظاهر والباطن ثابت له بالحقيقة لا بالمجاز كما هو حد الإنسان حال حياته . قوله ( وكما أن ظاهر صورة الإنسان يثنى بلسانها على روحها ونفسها المدبر لها ) معناه أن صورة الإنسان بحركاتها وإدراكاتها وإظهار خواصها وكمالاتها يثنى على روحها ونفسها ، فإن أعضاء الإنسان وجوارحه أجساد لو لا روحها لم تتحرك ولم تدرك شيئا ، ولا فضيلة لها من الكرم والعطاء والجود والسخاء والشجاعة والصدق والوفاء ، ولا ثناء إلا ذكر الجميل ، فهي تذكر روحها بهذه الصفات الجميلة التي هي اثنية فاتحة ( كذلك جعل الله صور العالم ) التي صورنا من جملتها ( تسبح بحمده ولكن لا يفقهون تسبيحهم ) أي تثنى بخواصها وكمالاتها ، وكل ما يصدر عنها على روح الكل فهو بظاهره يثنى على باطنه فباعتبار تنزيه تلك الصور روحها عن النقائص التي هي أضداد كمالاتها مسبحة له ، وباعتبار إظهارها لتلك الكمالات حامدة ، لكن لا نفقة تسبيحهم لأنا لا نفقة ألسنتهم ، كما لا يفهم التركي لسان الهندي ( لأنا لا نحيط بما في العالم من الصور ) حتى نضبط أنواع التسبيح والتحميد فلا نحصيها ولكن نعلم على الإجمال ( فالكل ألسنة الحق ناطقة بالثناء على الحق ولذلك قال - * ( الْحَمْدُ ) * ) أي الثناء المطلق من كل واحد على التفصيل ( * ( لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ ) * - ) أي الموصوف بجميع الأوصاف الكمالية رب الكل بأسمائه باعتبار أحدية الجمع ( أي إليه ) باعتبار الجمع ( يرجع عواقب الثناء ) التفصيلي ( فهو المثنى ) تفصيلا ( والمثنى عليه ) جمعا قوله نظما : < شعر > ( فإن قلت بالتنزيه كنت مقيدا وإن قلت بالتشبيه كنت محددا وإن قلت بالأمرين كنت مسددا وكنت إماما في المعارف سيدا ) < / شعر > نتيجة لما ذكره ، فمن علم مقدماته علم معناه < شعر > ( فمن قال بالإشفاع كان مشركا ، ومن قال بالإفراد كان موحدا ) < / شعر > أي من قال بالاثنين وأثبت خلقا مباينا للحق في وجوده ، كان مثبتا