لا بد من ذلك ) أي فينسب إلى المتجلى ما تعطيه حقيقة تلك الصورة التي هي المجلى ولوازمها من الحجاب والكشف والتجلي والسر والعرفان والذكر ( مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا ، وإنه لا شك الحق عينه ) وأنه هو الحق عينه بلا شك ( فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم ، ثم بعد ذلك يعبر أي يجتاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا ، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها من التنزيه ، ومما ظهرت فيه أي من التشبيه فاللَّه على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة ) يعنى أن الأمر بالستر إنما ورد سلطان الوهم على هذه النشأة فلا بد من الستر ليظهر تفاضل الاستعداد . واعلم أن الوهم قوة تحكم في المتخيلات وتدرك المعاني الجزئية في المحسوسات ، وأحكامها في المعاني الجزئية التي تدركها من المحسوسات والمتخيلات أكثرها صحيحة ، وقد يحكم أيضا في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلى ما شاء الله ، والتميز بين صحيحها وفاسدها لا يتيسر إلا لمن أخلصه الله بنور الهداية الحقانية ، وو فقه لإدراك الحق والصواب ، وأيد عقله بتأييد روح القدس ، ومن شأن هذه القوة أن تركت أقيسة استقرائية أو تمثيلية من المواد الجزئية فتحكم من الجزئى على الكلى ، وتجعل الحكم بالقياس كليا والمقيس عليه جزئى ، وتحكم بالشاهد على الغائب والاستيلاء به على العقل يفسد أكثر أحكام العقل إلا ما صار لبا ، والمقال الذي يتفاضل الاستعداد به ، هو أن الله قد يتجلى في صورة إنسانية مثلا في النوم فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ويتوهم أنه مطرد في جميع صور التجلي حتى أنه يظن أنه تعالى كما تجلى في هذه الصورة ، وأنه إذا تجلى تجلى في صورة إنسانية ، أو أن الصورة الإنسانية صورته مطلقا ، والمنزه ينزه الحق عن الصورة بالدليل العقلي ، ويحكم الوهم أن التجرد عن الصورة له ذاتى فلا يعطيه الفكر إلا ذلك ، فيعبر عنها إلى ما يقتضيه التنزيه العقلي ، فحصره فيما لا صورة له ، وحدده وشبهه بالعقول والمجردات ، ويتوهم أنه قد نزهه غاية التنزيه وهو في عين التشبيه ، وأما صاحب الكشف فلا يعبر عنها إلى التنزيه المحض ، بل يعطيها حقها من التنزيه بأن لا يقيد الحق بصورة ، ولا يعطله عن جميع الصور ولا يجرده ويعطيها أيضا حقها مما ظهرت فيه من التشبيه بأن يضيف إليه في تلك الصورة أحكام تلك الصورة ولا يقيده بها ، ويعلم أنه كلما شاء ظهر في أي صورة شاء فيضاف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة وإن شاء لم يظهر في صورة أصلا ، وهو في كل موطن ومقام وظهور وبطون منزه عن ذلك كله غير مقيد بتجرد ولا لا تجرد ولا بإطلاق ولا لا إطلاق ، فاللَّه عند التحقيق لفظ وعبارة فهم منه كل أحد ما بلغه من معرفته للحق بحسب استعداده ، ولمن فهم إشارة الحق وأهله عن الحق الصريح . ( وروح هذه الحكمة وفصلها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه وهما عبارتان )